كثيراً ما نسمع شخصاً يشكو: “ لدي حساسية مفرطة تجاه أي مشكلة بسيطة، أو عائق بسيط في حياتي، على الرغم من إدراكي بأن ذلك الموقف لا يستحق ذلك الاهتمام أو الضيق، لكن للأسف لا أستطيع تجاوز الموقف بسهولة، فدائماً أجد نفسي فريسة للهموم والضيق والشعور بالملل”. أو آخر يقول:” أشعر بأن لا أحد يحبني ولا يهتم بي”. وثالث نراه يحمل نفسه من الهموم ما يفوق طاقته بمجرد أن يسمع كلمة عابرة، أو تعليق غير مقصود من شخص قريب منه. وهناك من يحبط بسرعة شديدة، ويعلل ذلك بحساسيته الشديدة جدا، وإذا سمع كلمة يظنها قاسية من أحد يبقى محبطاً ومكتئباً لمدة أيام.
و هناك نوع من الناس يضايقهم التعليقات البسيطة التي تتعلق بشخصيتهم أو تصرفاتهم العامة، وهناك من لا يستطيع تحمل النقد بأي صورة، ولا يتحمل أن يلفت الآخرون نظره لتصرف معين، وان كان هذا الرأي أو النقد بناءً، ويصب في مصلحته، وآخرون لديهم حساسية شديده والتأثر الشديد بمواقف عاديه قد لا يعبأ بها الآخرون. فربما يقول لك شخص كلمه بسيطة لا يعنى بها أي سوء فتظل حزينا لأيام طويلة. ما حقيقة الحساسية المفرطة، وما أسبابها؟
الدكتور فؤاد عطية، استشاري العلاقات الإنسانية، يقول:” نعم هناك فئة من الناس يتسمون بالحساسية المفرطة، وصاحب الحساسية الزائدة نجده ذلك الشخص الذي يتأثر أكثر من اللازم بالعوامل الخارجية المحيطة به والخارجة عنه، وسرعان ما يفسر الكلمة التي يسمعها على أكثر مما تحتمل ويفسر تلك النظرة أو الحركة بشكل ينطوي على مبالغة لا معنى لها في كثير من الأحيان، وبمعنى آخر يمكن القول إن الإنسان صاحب الحساسية الزائدة يعطى الأشياء صدى لا تستحقه، ونرى صدى سلبياً في نفسه، بما يظهر عليه من تفاعلات نفسية سلبية عادة، واحمرار أو اصفرار في الوجه، وتعرق في اليدين، لأقل سبب وزيادة ضربات القلب وظهور اضطراب واضح في مزاجه. ومن أغرب النتائج التي توصل إليها علماء النفس التحليلي أن صاحب الحساسية الزائدة يكون دائما ذا ذهن متوقد، وفصاحة منقطعة النظير، ومقدرة فائقة على اتخاذ موقف ما وبسرعة، أي أنه مؤهل تماماً للانطلاق نحو النجاح والتميز، لكن ما يقف له بالمرصاد من دون تحقيق ذلك هو انسياقه مع أحاسيسه المرهفة، واستسلامه لذلك النقص الذي يغزوه ويؤثر عليه بالسالب فلا يتمكن من اتخاذ القرار الصائب على الإطلاق. كما ثبت أن الأشخاص ذوي الحساسية الزائدة، أوالمبالغين في حساسيتهم، يرون – بدقه عجيبة وضبط محكم – ردود الفعل عند غيرهم، ويخشون عن بعد أو قرب أن يؤذي الآخرون إحساسهم. لذا يفضل معظمهم أن يعتزل الناس والمجتمع تفادياً لما يهدد سلامته النفسية من أخطار.
يكمل د.عطية “إن هؤلاء عليهم أن يتوصلوا من تلقاء أنفسهم بما لديهم من ذكاء إلى أن السلام النفسي والنجاح في الحياة. وتحقيق الطموح والتميز يتطلب ترك الحساسية الزائدة نهائياً والتغلب على الاندفاع والخجل لأن مشكلة الإنسان الحساس دائماً أنه يكون خجول، ويفضل ألا يواجه الآخرين ويفضل اعتزالهم بدلاً من التصادم معهم.
يضيف د.عطية:” ثبت أيضاً أن من التأثيرات النفسية للحساسية الزائدة خلق حالة نفسية سلبية مردودها القلق الذي مصدره أن ذلك الشخص سيخشى من ألا يقدر الآخرون حق قدره كما يريد أو كما يتصور. ومن ثم عليه أن يحرص على التخلص من تلك الحساسية الزائدة فوراً لأنها من أكثر العوامل النفسية التي تقف عائقاً أمام نجاح الإنسان وتحقيق طموحاته. وينصح هذا النوع من الناس بمراقبة ذاته، بينه وبين نفسه، ومراقبة أثر الإحساس المبالغ فيه، والنتائج السلبية لذلك اللون من السلوك، والتأثير النفسي، وتدريب نفسه على كراهية هذه الألوان من الأحاسيس الزائدة في كل موقف يغضبه. فالتخلص من الأفكار السلبية كفيل بأن يجعل ذلك الحساس حساسية زائدة أن يعود إلى صوابه النفسي، ويتحرر بشكل عفوي من الانفعالات الزائدة، والحساسية السخيفة”.