يرى أزواج أن عمل المرأة، واستقلاليتها المالية، يسهمان في شعورها بتحقيق ذاتها، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الأسرة، ويشعر الزوج بأن هناك من يسانده أعباء الحياة، خصوصاً المالية منها.
في المقابل، يرى آخرون أن استقلال المرأة يؤثر سلباً في الحياة الأسرية، حتى ولو أسهم في تحسين الأوضاع المالية، ولذا يرفض أصحاب هذا الرأي عمل المرأة من الأساس.
ويقول اللبناني شربل أبوديوان، إن «الاستقلالية المالية للمرأة ضرورية، كي لا تشعر بأنها تابعة للرجل الذي تعيش معه، فجلوسها في المنزل يؤدي إلى زيادة المشكلات بينهما، لأنه من الطبيعي أن تشعر بالملل بانتظار عودته، وتصبح أكثر تطلباً»، مشيراً إلى أن «المشاركة مطلوبة في الحياة، وقد يتفق الزوجان على المشاركة في أقساط المنزل أو مسؤوليات أخرى، وهذا يسهم في تطوير العلاقة بينهما، وزيادة الود، واشتياق كلا الطرفين لرؤية الآخر ومشاركته ما يحدث معه في يومه، وهذا يزيد التفاعل بينهما».
مشاركة مهمة
تتفق مع أبوديوان، اللبنانية ريما شرارة، معتبرة أن الاستقلالية المالية للمرأة مهمة، ولكن التعاون والمشاركة أساسيان في الحياة. ورأت أن قرار المرأة الإسهام في المسؤوليات المالية، يزيد من علاقة الشريكين، في حال كانت العلاقة جيدة في الأساس وخالية من المنغصات، ولكن في حال كانت مليئة بالمشكلات، قد تسهم المشاركة المالية في زيادة الخلافات. واعتبرت أن مشاركة الزوجة مع زوجها ليس إلا كرم أخلاق منها، فهي ليست مضطرة إلى تقديم هذه المساعدة، بل على العكس عملها يجب أن يكون لها بالدرجة الأولى، ومن ثم تسهم في المنزل إن أحبت القيام بذلك.
تقوية للشخصية
ترى المواطنة مريم محمد أن «عمل المرأة ضروري بعد الزواج، إذ إن لديها شخصيتها وحاجاتها وكيانها، وبالتالي العمل هو الفرصة الوحيدة لأن تخرج من المنزل، وتحقق ذاتها وتشغل نفسها تماماً كالرجل»، مشيرة إلى أن «العمل يقوي شخصية المرأة، ويحسّن مستوى حياتها، ليس من الناحية المالية فحسب، بل أيضاً من ناحية الشخصيـة، إذ تـزداد قوة شخصيتها، وكذلك يرتفـع مستوى ثقافتها، ما ينعكس إيجاباً على تربية أبنائها مستقبلاً، وكذلك يزيد من فرص مشاركة الخبرات الحياتية بين الزوجين.
أما المصري محمود حسني، فيقول: «مع أن زوجتي لا تعمل، إلا أنني أشجعها على دخول سوق العمل، كي لا تشعر بأنها بحاجة إليّ، أو أن قراراتها ليست مستقلة». وأعتقد أن «الاستقلاليـة المالية للمرأة تسهم في خلق كيان خاص لها بعيداً عن الرجل، وهـذا يجعل الرجل متمسكاً بها أكثر، لأن الرجل بطبيعته يحب المرأة القوية والمستقلة»، لافتاً إلى أن «عمل المرأة يجعلها قادرة على أخذ الكثير من القرارات باستقلاليـة، وهذا مطلوب في العصر الذي نعيشه».
أما المواطن (أبومحمد)، فيرى أن «عمل المرأة ضروري لتحقيق ذاتها، رغم أنه ليس مطلوب من المرأة أن تسهم في المنزل، لأنه يفترض على الرجل أن يؤمن كل حاجات منزله». ويضيف أن «المـرأة حين تعمـل، فهي تعمـل لنفسها، ولهـذا عليها أن تحرص على عدم التقصير في واجباتها المنزلية، وكذلك في علاقتها مع أبنائها وزوجها».
مبادئ أساسية
يقول الطبيب النفسي، الدكتور علي الحرجان، إن «الحياة الزوجية تستند إلى الاحترام والتقدير والتضحية والتعاون والمحبة في السرّاء والضرّاء، وهذه المبادئ الأساسية هي التي تضمن زواجاً ناجحاً، أما الشكوك والمخاوف فنهايتها علاقة مضطربة، ومشوشة قد تنتهي بالفشل».
ولفت إلى ضرورة احترام الجانب المالي للطرفين، واستناد العلاقة على المشاركة والمساعدة، وعدم الاستغلال، وذلك كي لا تكون العلاقة مضطربة.
ويشير الحرجان إلى أن «عمل المرأة بات ضرورياً في حياتنا اليومية، إذ يساعد المرأة على تحقيق ذاتها»، معتبراً التعاون في أمور المنزل أمراً طبيعياً، لأنه من أسس العلاقة الزوجية، مضيفاً أن «الاختلافات تنعكس سلباً على الأطفال، وتنتهي بعلاقـة فيها نـوع من البرود العاطفي». وأعتقد أن «الجانب المالي عامل مساعد في الحياة الزوجية وليس أساسياً، فهو ليس أكثر من وسيلة للحياة، ولهذا يجب ألا يتحوّل إلى وسيلة للمشاحنات والخلافات، لأن المساعدة عند الضرورة مطلوبة، وهي تزيد من الإخلاص والمحبة». ويلفت الطبيب النفسي إلى «وجوب وضع تخطيط لهذا التعاون، كي لا تشعر المرأة بأنها تستغل من قبل الزوج، وبشرط أن تكون التجاوزات مسموحة في الظروف الخاصة، أي عندما يفقد الرجل عمله، أو حين تفقد الزوجة عملها، أو في حال مرض أحد الطرفين، فهنا التعاون يكون أساسياً لتعزيز العلاقة»، منوهاً إلى وجوب إعطاء الأولوية للمنزل، أي أن تكون أولوية الزوج منزله، ومن ثم في حال كانت لديه التزامات مع عائلته وأخوته يمكنه القيام بها، لأن مساعدة الأهل تدل على نفسية طيبة وخيرة، شرط أن تكون للأساسيات، وأن يكون منزله مكتفياً منها.