تعتبر الغيرة مشاعر إنسانية طبيعية يجب ألا يعاقب الطفل على الشعور بها، والقليل منها قد يشكل دافعا نحو التطور والمنافسة، وتجعل الطفل أكثر تسامحا واستقلالا، أما الكثير منها فقد يفسد الحياة وخاصة إذا دعمها الوالدان بالتفرقة ، فصعود وهبوط مؤشر الغيرة بين الأبناء موجود بين أيدى الوالدين ، فكيف يتعاملان مع تلك الغيرة ويتحكمان بها؟
والأطفال تنتابهم الغيرة لعدة أسباب منها – كما تشير مجلة الزهور – تحول الطفل من الوحيد المدلل من أمه وأبيه إلى الشقيق الأكبر صاحب المسؤليات للمولود الجديد، أو قد يكون الطفل صبيا فيقسو والداه عليه ليصبح رجلا منذ صغره، أما أخته فتتدلل لأنها فتاة، وغيرها من المواقف التى إن دلت على شئ فلن تدل إلا على ثقافة وفهم خاطئ يضر فى النهاية بكل الأبناء، الذى يأخذ الاهتمام منهم والذي لا يحظى إلا بالإهمال، فالأول يشعر بالغرور ويصطحب ذلك معه طيلة عمره، والثاني يصاب بعدد من الأمراض النفسية التى تستمر معه أيضا والتى قد تصل إلى كره والديه اللذين فضلا إخوته عليه .
الحب بالميزان
وكلما كان الوالدان متفاهمين ومتحابين مع بعضهما البعض قلت أسباب الغيرة بين الأبناء، لأن هذا الحب والدفء فى المشاعر ينتقل إلى الصغار ويجعلهم مستقرين نفسيا لأنهم مستمتعون بما يلقونه من حب وحنان، وأهم ما يجعل الطفل يشعر بالأمان هو شعوره بأن والديه يحبانه ويتقبلانه كما هو دون مقارنته بالآخرين مما لا يجعل هناك مجالا للحسد والغيرة بينه وبين إخوته .
وقد يظن الوالدان أنه مثلما يعطون الحب بالميزان يجب أيضا أن تكون المعاملة بالميزان، نعم يجب أن يكون هناك تساو فى المعاملة قدر الإمكان، فمثلا إذا اشترى أحد الوالدين لأحد الأبناء هدية يجب أن يشترى للآخرين أيضا ، ولكن ليس بالضرورة أن يشتري الهدية نفسها.
فلكل طفل اهتماماته وقدراته التي تختلف عن الباقين ، لذا يجب أن يعامل كل شخص على أنه مميز وفريد.
وليعلم الأب أنه إذا قام بشراء اللعبة نفسها لطفلين شقيقين ليكونا راضيين فسيصبحان شاكيين، لأن كلا منهما سيتفحص لعبته ليرى أى اختلاف بين اللعبتين، وسيفهم أنك قمت بشراء لعبة متطابقة حتى لا يتعاركا ، وليس لأنك اشتريت لعبة خاصة به لأنك تحبه وتعلم ما يريد.
احذر المقارنة
كلما قلت المقارنات وكلمات المديح بين الأبناء كان ذلك أفضل ، فإذا سألت طفلك لماذا لا تصبح مؤدبا مثل أختك؟ أو لماذا لا ترتب غرفتك مثل أخيك؟ أصبح ناقما على فكرة الأدب والنظام, وزادت مشاعر الغيرة والحقد تجاه إخوته، على الرغم من أن الأب قد يكون حسن النية، ويريد فقط أن يشجعه ويثير روح المنافسة لديه، ولكنه لن يسعد عندما يسمع من طفله كلمات مثل ” أنت لا تحبني” أو “أنت تحبه أكثر مني”، فالشعور بالحقد والأسى تجاه أشخاص بعينهم يولد الغيرة التي غالبا ما تكون نتيجة المقارنات.
ابتعد عن العراك
من الأفضل أن يبتعد الوالدان عن معارك ومشاجرات أبنائهم الذين يقدرون على مواجهة الموقف بأنفسهم، لأن تدخل الوالدين سينتهي بالانحياز إلى أحد الطرفين وإلقاء اللوم على الطرف الآخر مما يزيد غيرة أحدهما من الآخر.
ولكن عندما تشعر كوالد أنك عليك أن تتدخل وتفض عراكا بين الأشقاء ، فمن الأفضل أن تضع حدا للعداوة دون الإصغاء للجدل بينهما وتحديد من المخطيء ومن المصيب، ما لم يكن هناك خطأ فادح.على أن تركز في الخطوة التالية وهي أن يحل التسامح بينهما مع اقتراح حل وسط ، وقد يكون في لفت انتباههما نحو أمور أخرى.
مشاركه بدون إجبار
من الأفضل ألا تجبر الابن الأكبر على مشاركة أخيه الصغير في اللعب أو أن يشاركه ألعابه الخاصة به، فذلك سيزيد من فرص الغضب والحقد والضيق لديه ، ولن يكون مستمتعا بذلك حتى لو استمع لما تقوله أو ما تأمره به وقام باللعب مع أخيه.
وبدلا من أن تجعله يتنازل لأخيه الأصغر عن ألعابه التي لم تعد تناسبه ، أو أن تشعره بأنه يجب أن يلعب مع أخيه، حاول أن تحرك بداخله مشاعر الكرم والاعتزاز بالنفس ، وأنه بهذا السلوك سيكون شخصا محبوبا لدى الجميع ، لأنه عطوف على أخيه الأصغر ، لذا يجب أن يشعر أولا بالحب والأمان حتى يعطيهما للآخرين.
الشعور بالذنب لن يفيد
أحيانا يشعر الوالدان بالخجل والتوتر إذا ضبطهما ابنهما الأكبر وهما يلعبان مع شقيقه الصغير ، وعندها يحاولان جاهدين استرضاء الطفل الكبير وتجاهل الصغير ، وعندما يشعر الابن الأكبر بحرج والديه وموقفهما الاعتذاري تساوره الشكوك فيشعر بأن هناك مؤامرة عليه ، ويكون بدوره خبيثا مع والديه وأيضا مع أخيه الأصغر ، لذا يجب أن يكون الوالدان أكثر حذرا ولباقة تجاه الطفل الأكبر مع عدم ظلم الصغير دون أن يساورهما القلق والاعتذار والشعور بالذنب.. لأن كليهما طفلاهما.
استشارة مختص
تظهر الغيرة عند بعض الأطفال في صورة سلوك عدواني من خلال معاملة أشقائهم بعنف أو بتكسير اللعب وأغراض المنزل.
وهنا قد يستدعي الأمر استشارة اختصاصي نفسي لمعاينة الطفل الذي لا يبدو أنه قادر على التغلب على غيرته التي قد تظهر في تصرفات سيئة ومتواصلة أو في التهجم والكتمان، وقد يستطيع الطبيب المعالج أن يستخرج الغيرة إلى السطح لينشأ الطفل نشأة مستقرة نفسيا من خلال معرفته بكيفية تحمل مشاعر الغيرة والتعامل معها.