لكي تصبح المرأة مديرة أعمال ناجحة وجيدة، يجب ألا تتحول بالضرورة إلى ذكر مكروه مثلما قد تظن بعضهن. فقيادة فريق عمل أمر ممكن من دون أن تتصرفي في موقع القيادة كرجل.
يشهد كثير من دول العالم، وخصوصا في المنطقة العربية، أولى أجيال النساء اللواتي يتبوّأن المواقع القيادية في القطاع الخاص أو العام. لذلك فإن رؤية المرأة على رأس موقع مهم في أي مؤسسة أو موقع محترم، لا تزال أمرا مثيرا وغير معتاد تماما، وإذا تسنّى لامرأة احتلال هكذا موقع، فإنها تسعى لمراقبة أدائها بشكل جيد لكي تحمي نفسها من المنافسات الكثيرة، إن كان من الذكور أو الإناث أيضا.
وإذا عثرت المرأة في فريق عملها على امرأة أخرى تتمتع بالمزايا القيادية نفسها، تتعامل معها كمصدر تهديد محتمل، آخذة بعين الاعتبار قلة عدد المواقع القيادية المخصصة للمرأة. وهنا ينشأ وضع تنافسي فريد حسب تعبير كثير من علماء النفس، بحيث تعتقد المرأة المديرة أن الفتاة الأخرى هي غريمتها ومنافستها على المنصب، وأن تصرفها في هذا السياق يشبه إلى حد كبير تصرف ملكات النحل.
خوف من المنافسة
وتفيد باربورا داونز المتخصصة في علم النفس في هذا السياق «بأن المرأة المقصودة هنا اضطرت الى العمل بجد لكي تصل إلى هذا المنصب برغم وجود عدد كبير من الرجال في الشركة، وبالتالي لا تنوي بأي شكل من الأشكال مد يد العون للمرأة الأخرى، لأنها مقتنعة في قرارة نفسها أنه يجب عليها العمل بالجد نفسه لكي تفوز بما فازت به هي».
وهي لا تدعم النساء اليافعات، لأنها تشعر بأكبر قدر من الأمان عندما تكون الوحيدة بين هذا الكم من الرجال، فهي تتمتع بموقع فريد. كما أن النساء من هذا النوع لا يشكين من الاضطهاد ضد المرأة في مكان العمل، ويزعمن بأن شيئا من هذا القبيل غير موجود أبدا.
ملكات النحل نوعان
تنقسم النساء من نوعية ملكات النحل عادة إلى نوعين: المرأة في النوع الأول تعمل بشكل جنسي مبالغ فيه، والثانية تظهر بمظهر غير جنسي كليا. الأولى تستغل إغواءاتها الجسدية بأقصى قدر ممكن لاستغلال محيطها الذكوري.
ولا شك أنكم التقيتم ذات يوم بامرأة من هذا القبيل: ملابس مشدودة على الجسم لإظهار مفاتنه، فتحة بارزة في القميص، تنورة قصيرة، أحذية مرتفعة الكعب، وأحيانا تصرفات نسائية كاريكاتورية، أي ما يعكس ضعفا معيّنا وركاكة تصل إلى حد السذاجة.
ومن الواضح بالطبع لماذا يختار الرجال نساء كتلك لكي يعملن بجوارهم، فهن لا يهددنهم بأي شكل من الأشكال، إضافة إلى أنهن يعكسن نوعا من الترف للعين العطشى.
لكن هناك أيضا هؤلاء اللواتي يخدعن المرء بأجسادهن. فبواسطة الملابس المثيرة يغطين على صندوق عجيب يوجد بداخله امرأة لا شفقة لديها، تعادل بقسوتها وصرامتها أشد الرجال العاملين معها.
أما النساء اللواتي نشبههنّ بالنوع الثاني من ملكات النحل، أي اللواتي يظهرن بمظهر غير جنسي كليا، فيوجدن غالبا في الحياة السياسية، وأبرز مثال على ذلك رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، التي تحمّلت خلال فترة حكمها الطويلة وجود امرأة واحدة فقط في فريقها الحكومي، وكلّنا نعرف كيف أن هذه الوزيرة كانت غير بارزة تماما في أدائها العام.
وهؤلاء النساء أخطر بالنسبة لنجاح النساء الأخريات في فريق العمل، خلافا للاعتقاد الخاطئ السائد الذي يفيد بأن مسألة القيادة أمر يخص الرجال فقط. وكما اكتشفت عالمة النفس ماكس بلانك روكيو ريتاميرو من معهد التنمية البشرية ببرلين «فإن النساء يكنّ عادة أكثر انتقادا تجاه النساء الأخريات ممّا هن تجاه الرجال، وغالبا ما يعتقدن أن الرجال هم أفضل المرشحين لملء المناصب القيادية من زميلاتهن».
فريق نسائي
إذا، ماذا يجب على كل أمرأة أن تفعل لكي تصبح مديرة جيدة؟
عليها أن يتكون ثلث فريقها على الأقل من نساء يتمتعن بكفاءة جيدة وأن تحيط نفسها بهن. في هذه الحالة فقط لن تتحول إلى ما يشبه الأميرة الكاريكاتورية التي ترتدي قميصا ذا فتحة طويلة مثيرة، ولن تضطر الى قمع أنوثتها بأي شكل من الأشكال. لن تشعر بأنها في بيئة أجنبية وسيكون بإمكانها أن تتصرف مثلما تريد، أي مثلما ينصح الأساتذة طلابهم في المرحلة الثانوية: تحدثوا بصوت مرتفع وبشكل طبيعي يعكس شخصيتكم.
أم جيدة
لا يجب على المديرات الجيّدات، بعكس زملائهم الرجال، أن يخفن من الاعتراف بامكان الخطأ. ففي البيئة التي يسيطر فيها الرجال تعتبر مسألة الاعتراف بالخطأ علامة من علامات الضعف، إلا أنه إذا أظهرت المرأة المديرة أي خصائص بشرية مثل امكان الخطأ، فإنها ستفوز بحب فريقها واخلاصهم لها.
والمديرات اللواتي حظين بحب زملائهن في العمل أظهرن خصائص الأم الجيدة، وكنّ في موقع يسمح لهن بتقديم الدعم المطلوب، لكنهن لم يترددن أبدا بالحث على العمل وطلب نتائج محددة، وعرفن كيف يضعن الحدود التي لا يسمح لأحد بتجاوزها وإلا تعرض للعقاب.
تمكّن من مشاركة همومهن ومشاكلهن وطلبن النصيحة عندما شعرن بأنهن قد يخطئن في العمل. لكن كان واضحا بشكل دائم من يدير العمل ومن يضع القوانين والحدود. وتماما كما تسعى الأم ذات يوم لتقاسم قضاياها الخاصة مع أطفالها، فإن المديرات الجيّدات يسعين للشيء نفسه مع زملائهن في العمل.
وإذا كنتن لسن متأكدات من قدراتكن الإدارية، قيّمن دوركن كأم. ففي جوهر طبيعتكن ستكن على الأرجح قادرات على قيادة فريق العمل بالحرارة والنظام نفسه الذي تتبعنه في المنزل تجاه أطفالكن. أي أن تكن قريبات بما يكفي لتعرفن زملائكن جيدا، لكن في الوقت نفسه بعيدات بما يكفي لكي تتمكن من قيادتهم.
فالخطأ الأكثر شيوعا لدى النساء المديرات هو اعتقاد بعضهن أنهن لن ينجحن إلا إذا تصرّفن مثل زملائهن الرجال في القيادة. لكن النساء يعملن بشكل مختلف عن الرجال، وبالتالي ليس من الضروري أبدا القول إنهن سيتصرفن مثل الرجال، لأنهن لن يتصرفن كذلك أبدا.