إذا لاحظت أن طفلك كثير السرحان لا تتجاهلي الأمر فعلي الرغم من أنه قد يكون علامة عادية وصحية الا أنه قد يكون مؤشرا علي وجود حالة مرضية تستدعي اللجوء الي الطبيب.
د. مجدي دهب أستاذ الأعصاب بطب الازهر يرجع السرحان إلي اختلاف في درجة الوعي كيفا وليس كما, بمعني أن السارح لا يفقد قدرته علي الحركة و انما علي التركيز فقط فنحن نفقد الانتباه عادة إذا طال الدرس عن ساعة من الزمان, وهذا هو السرحان الفسيولوجي الذي يصيبنا جميعا إذا شعرنا بالملل من المادة التي تستدعي انتباهنا وهو سرحان جمي+ل نملؤه بأحلام اليقظة التي نعيش معها أحيانا فوق السحاب, فمرحبا بهذا السرحان.
وهناك سرحان آخر نشهده مع مادة علمية بعينها أو معلم أو معلمة بعينهما مما يدل علي الملل الذي يصيب أطفالنا في حصة دون حصة أو مع مدرس دون غيره, فيغيب العقل الواعي, وتنطلق الحيل الدفاعية النفسية مثل السرحان كوسيلة للهروب من مأزق الملل, وهذا حله لدي الأخصائي النفسي الذي يستطيع أن يذلل هذه الصعوبات الدراسية عن طريق فهم دواعي سرحان الهروب من مادة بعينها وكيفية التعامل مع ملل الدرس بطرق شرح مسموعة ومرئية مشوقة تجذب الانتباه ومع ملل المدرس بتغيير نمط الصوت والدعابات الهادفة بين الحين والآخر مما يعود علي أطفالنا بشوق إلي فهم الدرس وسماع المدرس وبالتالي الحصول علي الدرجات العليا.
أما النوع الثالث من السرحان فهو سرحان صرع الفص الصدغي من المخس166 سنة, حيث تنتاب المخ نوبات من فقد رتابة كهربائية الدماغ التي تستمر لعدة ثوان تصل أحيانا إلي نصف الدقيقة تماما مثل انقطاع الإرسال التليفزيوني الذي يعود بعده التواصل إلي كامل طبيعته, وقد تتكرر هذه النوبات لتصل إلي مائة نوبة في اليوم الواحد.
فإذا أتت النوبة للطفل أثناء أكله توقف عن طعامه لثواني ثم يعود الي استكمال وجبته, وإذا جاءته أثناء درسه توقف عن متابعة مدرسه وتسقط من ذاكرته الجزء من الدرس الذي كان سرح خلاله ثم يعود إلي سابق انتباهه وذكائه, وخطورة هذا النوع من السرحان تكمن في عدم توقع وقت السرحان الذي قد يفاجئ الطفل أثناء عبوره الطريق أو بينما يقود دراجته, بل لا يسلم الطفل الذي يحمل كوبا ساخنا من الاصابة إذا عاودته نوبات السرحان المرضية, وأعجب عواقب السرحان هي عندما يفقد الطفل اتجاه سيره فنجده يذهب إلي الحلاق ويقف عنده متعجبا بينما كان أهله قد أرسلوه إلي البقال ليشتري لهم الطعام, والمؤكد في هذا السرحان أن الطفل لا يتذكر خلال فترة سرحانه الأعمال التي كان يقوم بها حيث يكون الوعي غائبا في هذه الفترة.
ومن المفارقات أن نوبات السرحان هذه تصيب الأذكياء فتحد من عبقريتهم أحيانا نتيجة ضعف التحصيل الدراسي ويمكن التأكد من هذا النوع من السرحان بعمل رسم مخ( تخطيط لكهربائية الدماغ) وهو جهاز آمن مثل رسم القلب يسجل بدقة متناهية كافة الموجهات الكهربائية الطبيعية و غير الطبيعية التي يصدرها المخ ويحسب الكمبيوتر الملحق بالجهاز عدد النوبات وزمن حدوثها مما يساعد طبيب الأعصاب علي دقة التشخيص ووصف العقار المناسب وابلاغ الأهل عن الحالة و عواقبها و كيفية الحد من تكرارها, وأخيرا تتبع درجات التحسن من خلال قياس شدة المرض ومعدل حدوثه.
ومما يدعو للتفاؤل أن هذا السرحان يمكن علاجه بسهولة ويسر بعقاقير حديثة رخيصة الثمن تقضي علي هذا السرحان وتعيد إلي أطفالنا الأذكياء عبقريتهم وإلينا البسمة والسعادة بتفوقهم.