عالم الموضة عرضة للتغييرات البسيطة والجذرية بشكل دائم ومستمر، لكن التغييرات في عالم فساتين الزفاف قلما تكون جذرية بسبب رفض المصممين المساس بخصوصية هذه الفساتين وتقاليدها المتوارثة من جيل إلى آخر، لا سيما في ما يتعلّق باللون الأبيض.
لكن مع إنطلاق مدرسة جديدة في عالم الأزياء الفرنسية، تدعو الى التحرر من هذه التقاليد بات الأمر مختلفاً. وقد جاء معرض حفلات الزواج والإرتباط في باريس، مؤخراً، ليُظهر هذا الصراع القائم بين المدرسة التي تدعو الى المحافظة على التقاليد وبين تلك الرافضة له.
إلتقينا مع مجموعة من مصممي فساتين الزفاف في المعرض وعادت بالموضوع التالي:
إعتبرت مصممة الأزياء “إيميلي دو بري” صاحبة دار أزياء “كومبليسيتيه – Complicite”، أن جمالية فستان الزفاف تكمن في لونه الأبيض الذي يرمز الى الصفاء والسلام. وأكدت أن اي تعديل على الفستان يجب أن لا يلغي اللون الابيض. لذا، عمدت إضفاء أزهار ناعمة وملونة على مجموتعها الجديدة للعام 2012 ، لأنها أجمل تعبير عن الحب. كما مزجت بين قماش التافتا الأبيض والدانتيل الملون الفاتح لإضفاء نوع من الحيوية دون التأثير على روحية الفستان الأبيض. أما بالنسبة للتصميم، فهي لا تحيد عن التصميم التقليدي الضيق من الأعلى والضخم من الأسفل لأنه يبرز تفاصيل جسم المرأة برقي وجمال.
وتؤيد المصممة “أنا إيستيف”، صاحبة دار أزياء ” أنا إيستيف – Ana Esteves Coutures “، التي عملت لمدة خمسة أعوام مع دار نينا ريتشي الشهيرة ، ولمدة عام مع وكالة غريتا، قبل أن تأخذ خطها المستقل في عالم تصميم الأزياء، المحافظة على خصوصية فستان الزفاف في لونه الأبيض وضخامته. وهي ترى أن نقطة القوة في الفستان تكمن في طريقة مزج أنواع متعددة من الأقمشة الراقية. وقد إرتكزت تصاميمها لها الموسم على المزج بين الدانتيل والحرير الأبيض، متضمنة بعض الرسومات الناعمة بالدانتيل الأبيض، الذهبي أو العاجي لإضفاء لمسات متجددة.
أما مصمم الأزياء “أليكسس بلين”، أحد أبرز مصممي فساتين الزفاف في وكالة “هيرفي مارياج – Herve Mariage”، فيستوحي فساتين الزفاف من الملكات الأوروبيات القدامى ومن مدينة باريس التي تجمع بين الرومنسية، الأرستقراطية والحب. وهو يرى أن فستان الزفاف يجب أن يُظهرالعروس كأميرة أرستقراطية متوهّجة ليلة زفافها.
ورداً على سؤال حول سبب تخليه عن اللون الأبيض في بعض تصاميمه وأبرزها الفستان الأحمر الذي صممه هذا العام، قال: “إن اللون الأبيض ليس بتقليد عالمي، لأنه ليس حاضراً في تاريخ جميع المجتمعات، فالعروس في الصين والهند ترتدي فستاناً أحمر من الحرير، لأن الأحمر هو علامة الحب هناك. فلما لا يتم الجمع بين أرستقراطية التصميم في فساتين الملكات الأوروبيات القدامى وألوان فساتين ملكات الشرق الأقصى المتألقة. فالإبداع والإبهار يتطلّب المزج الحضاري”.وأشارت “أورنيلا فيلازانو”، إحدى مصممات فساتين الزفاف في وكالة ” تاتي مارياج -Tati Mariage”، المعروفة بتصاميمها المبتكرة والمتجددة من موسم الى آخر، أنها إستوحت قسماً من مجموعة فساتين الزفاف لعام 2012 من موضة الروك أند رول، الحاضرة بقوة في أزياء هذا الشتاء. فأدخلت اللون الأسود على قسم من هذه التصاميم التي إرتدتها العارضات مع أحذية طويلة من الجلد. أما القسم الثاني ، فإستوحته من طيور الفلامينغو، معتمدة الكشاكش البارزة في القسم السفلي من الفستان. وعن سبب تخليها عن تقليد الفستان الأبيض الطويل، اجابت فيلازانو: “إن الالتزام باللون الأبيض يبعث على الملل ويقتل عنصر الإبداع، ونحن نتوجه في تصاميمنا إلى العروس المتجددة والمتابعة للموضة في مختلف تفاصيلها. فطلّة العروس الجديدة والمرحة تضفي عليها وعلى الحفل مزيداً من التألق والفرح”.