قدمت فنانة الحلي والمصاغ اليدوي سوزان المصري أحد أهم الأسماء في مجال تصميم الحلي والاكسسوارات، قبل أيام مجموعتها الجديدة في أتيليه القاهرة بحي الزمالك التي ضمت العديد من القطع بينها الأطقم المتكاملة والقطع المنفردة مثل الكوليهات والعقود والسلاسل المبتكرة والأقراط والأساور والبروشات التي اعتمدت بعضها على الأقمشة، عكس المعتاد بكثرة الاعتماد على الأحجار الكريمة، وتم تقديمها وفق تصميمات عصرية أخذت من فنون الأجداد.
يتسرب عبق ودفء الماضي ليملأ المكان، وتنبعث إشعاعات من الطاقة الإيجابية لتسكن النفس وتمس الروح وتستولي حالة من البهجة على المشاعر في المعرض الذي شهد تميز قطع الحلي بالتصاميم الجريئة والتقنية العالية واستخدام الألوان المتناقضة والدمج المبهر للخامات وابتكار أساليب جديدة في التعامل مع الفضة والذهب والبرونز.
وفيما ضمت العديد من قطع الحلي الأحجار الكريمة ونصف الكريمة أستولت قطع النسيج التراثية القديمة على بعض التصاميم لتقدم أشكالا جديدة من الحلي ينافس فيها القماش التراثي الأصيل أحجار الزفير والفيروز والمرجان واللآلىء.
وكشفت قطع الحلي عن المستوى الفني الذي وصلت إليه الفنانة حيث تعاملت بحرية وانطلاق مع العديد من الخامات الجديدة لنجد تصاميم تجمع بين الفضة وأقمشة الشيفون أو الاورجانزا أو القطيفة أو قطع نسيج صيني قديم أو نسيج الخيامية ومعظم تلك التصاميم مطعمة بالأحجار الكريمة ونصف الكريمة ومنها ما يعتمد على الفنون النحتية.
واحتلت طلاءات المينا مساحة كبيرة من الحلي المصاغة من الفضة أو البرونز وهي تقنية موجودة في الحضارات القديمة الصينية والتركية والفرعونية ولكن تم تطويرها بأساليب حديثة لتظهر بشكل لافت في كوليهات نحتيه مميزة وأقراط وخواتم وأساور.
وعن الخامات الجديدة التي استخدمتها في المجموعة تقول: فرضت اللمسة التراثية الاعتماد على خامات غير تقليدية مثل الأزرار والقواقع والشراشيب والأصداف، كذلك شغل “الشفتشي” في تصاميم بها الورود الفرعونية والسلاسل المجدولة وهي عبارة عن دوائر من الفضة تلتحم مع بعضها بطريقة خاصة.
وتضيف: استخدمت العديد من الأحجار الكريمة ونصف الكريمة مثل الزفير والعقيق والفيروز والمرجان والامايتست والالكسندريت والكهرمان والجات وبعضها تمت معالجته ومنها ما فضلت الاحتفاظ بشكله الطبيعي وحجمه الكبير المميز في تصاميم منسجمة وملائمة تبرز جمال الحجر ولونه.
وحول النبع الذي تستوحي منه أفكارها تقول: من الطبيعة فهي مخزن الأفكار وملهمة المبدعين ومن التراث المصري الشعبي والفرعوني وتأملي لكل ما أبدعه فنانو الحلي عبر الحضارات لتخرج هذه التأملات في أكسسوارات تجمع بين التراث والحداثة وما يهمني هو طرح حلي مبتكرة وجديدة تشعر المرأة بأنها تنتمي إليها وتعبر عن ذوقها.
وتصف العلاقة بين الحلي والمصاغ اليدوي والموضة بأنها علاقة بلا ضوابط موضحة ان فن صياغة الحلي لا يتقيد بموضة محددة ولكنه يحمل قدرا كبيرا من التنوع والثراء يمنحه عمرا مديدا ويجعله مواكبا لكل جديد والمهم التوظيف والاختيار الصحيح للقطع التي تتناسب مع طابع الأزياء التي ترتديها المرأة وألوانها وتصاميمها وكذلك شخصية المرأة وثقافتها.
وعن دراستها للهندسة وتأثيرها على إبداعاتها تقول: كانت دراستي في كلية الهندسة جامعة القاهرة هي السبب لدخولي عالم الحلي من خلال صديقة لي أصطحبتني معها إلى سوق خان الخليلي بحثا عن قطع حلي قديمة ومنذ تلك الزيارة تعلقت بالحلي وقررت تعلمها وبالفعل خصصت جزءا من وقتي للذهاب الى الورش والجلوس ساعات أتعلم وأتدرب وبعدها سافرت إلى الولايات المتحدة وقررت دراسة هذا الفن بشكل أكاديمي في كلية الفنون الجميلة وعدت إلى القاهرة لأقدم أولى مجموعاتي في عام 1981 ثم توالت المعارض المحلية والدولية وصار كثير من تصاميمي مقتنيات في العديد من العواصم العربية والأوروبية إلى جانب مقتنيات في متحف الفن المصري الحديث.
وتؤكد أن مشاركتها كعارضة أو عضو لجنة تحكيم في المعارض الدولية تتيح لها الاطلاع على كل جديد في صياغة وتصميم الحلي إلى جانب السفر إلى العديد من المناطق شرقا وغربا لإحضار بعض الخامات والأحجار المميزة في شكلها وأحجامها والتعرف على فنون الحضارات القديمة.
وعن أحدث الاتجاهات العالمية في مجال صياغة الحلي تقول: هناك هوس أوروبي بالبرونز واعتباره خامة خفيفة الوزن وسهلة التشكيل والتطويع وأنا أفضل استخدامه في الأقراط على ان يكون الجزء الملامس للأذن من الفضة وبالنسبة للكوليهات أو الأساور المصنعة من البرونز أقوم بطلاء خلفيتها بطبقة من الذهب أو الفضة.
وترى سوزان المصري أن كل قطعة حلي مصنعة ومصنوعة يدويا هي قطعة فريدة ومستقلة ومصنوعة بإحساس فني يعبر عن ذوق الفنان ومهاراته وخبراته مشيرة الى انها تترك لنفسها حرية اختيار الخامات ودمجها بحيث يتم المزج بين الملمس الخشن مع الناعم، والثقيل مع الخفيف، أو اللامع مع المات، والشفاف مع المعتم، والهدف هو ابتكار حلي ومصاغ جميل من كل المتناقضات.