إقترن الوحام بالحمل، ويعتبره كثير من النساء عارضاً مهماً لحدوث الحمل، لكنه غالباً ما ترتبط أعراضه لدى كثير من النساء بما يسمى بدوار الصباح، أو الإحساس بالغثيان، والميل إلى القيء والشعور بالإجهاد خاصة عند النهوض من الفراش في الصباح الباكر، وعادة ما يصاحبه دوخة بسيطة، في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، مع تقلب في مزاج المرأة، وهناك من يراه ملازماً لنصف عدد الحوامل تقريباً،
هناك نسبة قليلة من الحوامل يصبن بهذه الأعراض في وقت مبكر جداً من الحمل، أي قبل أن تظهر نتيجة تحليل الحمل المخبرية، أما النسبة الكبرى منهن فتبدأ لديهن أعراض الوحام، ومشاكله عادة من بداية الشهر الثاني، وتستمر حتى نهاية الشهر الثالث، وهناك البعض ممن تظهر عليهن هذه الأعراض في أوقات مختلفة خلال اليوم، كما أن هناك نسبة معينة غير معلومة من الحوامل لا يصبن بمثل هذه الأعراض على الإطلاق، لكنهن قلة، وإن أرجع المختصون ظاهرة الوحام إلى العوامل النفسية في المقام الأول.
ما حقيقة الوحام؟ وما هي أعراضه؟ ولماذا يقترن بالغثيان؟ وكيف تتعامل معه السيدة الحامل حتى تقضي فترة حملها بسلام؟
توضح الدكتورة سارة السالمي، أخصائية النساء والولادة، حقيقة الوحام، وتقول:«يعتبر الإحساس بالغثيان في فترة الحمل إحساساً طبيعياً جداً تصاب به معظم السيدات، وهو بالتأكيد إحساس مزعج للغاية، ولكن لا مفر منه، وعادة لا ينصح الأطباء بالأدوية الخاصة بالتقيؤ، على الرغم من أنها غير ضارة، إذا كان بالإمكان تحمل هذه الأعراض، خوفاً من استسهال أو تهاون المريضة في استخدام هذه العقاقير. وتختلف أعراضه شدة وليناً بين أنثى وأخرى، فإما أن يكون خفيفاً، فلا تشعر به المرأة، وإما أن يكون شديداً فيصبح القيء آنذاك متعدداً ومتكاثراً فينهك المرأة ويضعفها.
وقد تزداد حالة المرأة سواء في بعض الأحيان بحيث تستعصي على جميع العلاجات المسكنة مما يضطر الطبيب لوصف المصل أو الحقن بالعقاقير أو إسعاف المريضة في المستشفى. وتظهر علامات الوحام عادة في الصباح الباكر ثم تزول بعد ذلك بساعات قليلة. وقد لوحظ بأن المناظر البشعة، والرائحة الكريهة والشديدة، أو رائحة بعض الأطعمة والمعدة الفارغة، جميعها تتسبب في تعكير صفو النفس وحدوث الغثيان، وهذا ما دفع الأطباء إلى الجزم بأن أسباب الوحام هي على الغالب أسباب نفسية عصبية، تنشأ على أثر اضطراب في التوازن الفيزيولوجي في الجملة العصبية النباتية. وإذا علمنا أن نصف الحوامل، أو أكثر، لا يصبن بالوحام وأعراضه، أدركنا ما للعامل النفسي من أثر بالغ في حدوثه».
العامل النفسي
تضيف الدكتور السالمي:«إن شعور الحامل بحملها وتحسبها لما قد ينجم عنه من أحداث، وما يترتب عليه من مسؤوليات يرهق نفسها ويزيد في ارتباكها ويهيج جهازها العصبي إلى درجة تصبح فيه المناظر الكريهة أو الروائح الشديدة قادرة على إثارة القيء بكل سهولة. على هذا الأساس تبدل اتجاه معالجة هذا «العرض» للحوامل. فبينما كنا نلجأ إلى غسل الكلى لتخفيف السموم من جسم الحامل، أصبحنا نعالجها بالعلاج النفسي، والإقناع الكلامي دون اللجوء إلى استخدام الأدوية والمسكنات، لذلك فإنني أشدد على وجوب معالجة الوحام الشديد بالتأثير النفسي قبل الأدوية، إذ تبين لي أن حوالي خمسة وسبعين في المئة من النساء الحوامل المصابات بعوارض الوحام حصلن على نتيجة باهرة بواسطة هذا العلاج».
العلاج
تشير الدكتورة السالمي، بخصوص علاج الوحام بشكل عام، إلى انها تنصح الحامل بأن تشغل نفسها عن التفكير الدائم بالحمل بتسلية ما مفيدة، كمشاهدة أفلام الفيديو، والسينما أو القراءة أو زيارة الأصحاب، وعدم التفكير بالقيء أو الغثيان قبل حدوثه، وملازمة الفراش بعد الاستيقاظ، لا سيما بعد تناول الفطور، لمدة ربع ساعة حتى لا تتشنج عضلات المعدة ويبدأ القيء، ومن المفضل تناول فطور الصباح في السرير، وتجنب الزبدة والمواد الدهنية في وجبة الصباح، والاكتفاء بشيء من الطعام الخفيف، مثل العسل واللبن والأرز بحليب والبيض، وإبقاء المعدة مملوءة في معظم أوقات النهار، وذلك بتناول وجبات قليلة من الطعام خلال النهار، أو بتناول شيء بسيط من البسكويت مع بعض جرعات قليلة من الحليب أو الكاكاو أو الشاي بين الوجبة والوجبة والأخرى أي في الساعة العاشرة قبل الظهر والساعة الرابعة بعد الظهر، وتناول الأطعمة الخفيفة عند الظهر، مثل شوربة الخضراوات والسلطة والخبز الأسمر. أما العشاء فيكون من اللحم الأحمر الطازج أو المشوي على نار خفيفة. مع قليل من الخضراوات، أو البطاطا المسلوقة أو المشوية، أو سلطة البندورة مع الخس وقليل من المربى. وقبل النوم، بإمكان الحامل أخذ قطعة من الخبز أو البسكويت العادي مع كوب من الحليب الفاتر، أو البارد، أو الكاكاو. وعليها أن تعرف أن هذا البرنامج الغذائي هو مؤقت ويستعمل حتى يزول الغثيان والوحام، وبعد ذلك يجب العودة إلى الطعام العادي.