ما الأمور التي يصدّقها الناس ويُبدون استعدادا لتنفيذها من أجل خفض أوزانهم؟ نعرض لكم أغرب أنواع الحمية التي قررت البشرية ذات يوم تصديقها. بعضها يساهم بإفلاسكم تماما، أما في الحالة الأسوأ فالمتضرر الأبرز هو صحّتكم.
هل تعتقدون أن ممارسة الرياضة بانتظام والغذاء المتوازن يكفيان لإزالة التراكمات الدهنية؟ في الجوهر قد تكونون محقّين بذلك، لكن التاريخ مليء بأمثلة من أنواع الحمية المجنونة التي تعد بالوصول إلى الوزن المرغوب من دون بذل أي مجهود. فذات يوم اشتهرت عملية ابتلاع الأسماك الذهبية، وفي أوقات أخرى ابتلاع الدودة الوحيدة، كما صدّق البعض النظرية القائلة بإمكان غسل الدهون بواسطة الصابون، أو بأن الطريق الأمثل للحد من الشهية هو حمية النيكوتين.
أما أحدث صرعة في هذا المجال فظهرت أخيرا في الولايات المتحدة، وتتمثل بمسحوق سحري لتلميع الشفاه، حيث يزعم مروجوه بأنه يكفي وضعه بضع مرات في اليوم لضمان النجاح الأكيد في فقدان الوزن. ويضم هذا البلسم الشاي الأخضر الذي يسرّع الأيض، ومادة إل كارنيتين (L-Carnitine) التي تدعم حرق الدهون. وبالتالي يكفي أن يلعق المرء شفتيه، لتتم الأمور الأخرى من تلقاء نفسها.
حميات غريبة وخطرة
بعض الناس يُبدون بالفعل استعدادا للذهاب إلى أقصى الحدود الممكنة، فيمكن أن يحدث على سبيل المثال أن يتوقف بعض الناس عن الشرب، لأنهم مقتنعون بأن وزنهم سيزيد بعد شرب كوب واحد من الماء. بل قد يأخذ منحى الامر أكثر تطرفا، حيث كانت إحدى الفتيات تتبرع بالدم لكي تتمكن من خفض وزنها لأقل درجة ممكنة.
هكذا قصص تبدو بالنسبة للبعض خرافية ولا يمكن تصديقها، لكن تفسيرها ليس مفاجئا بالقدر نفسه. فالناس يلجأون الى التفكير غير المنطقي ويتوقون الى الحلول السحرية، وغالبا ما يصدّقون المعتقدات الخاطئة التي تشير إلى أن الأساليب البديلة تعمل بشكل أفضل من تلك الطبية المثبّتة.
موضوع جذاب
ثمة أمر إضافي يفسر سبب تمتع تلك الأنواع الخطيرة والغريبة من الحمية بهذه الشعبية. فموضوع الريجيم يعتبر أمرا جذابا بالنسبة لوسائل الإعلام ولا يمكن لأي مجلة نسائية أن تغض النظر عنه. وبالتالي فإن أي خبر حول «نوع مؤكد من الحمية» يفوز فورا باهتمام وسائل الإعلام المطبوعة أو تلك المنتشرة عبر الانترنت،
ويكفي مراقبة النقاش الدائر بخصوص حمية أتكينسون المثيرة للجدل. فوسائل الإعلام تعشق كلمات مثل «مثير للجدل» و«مشهور» و«ريجيم». وهذا «الريجيم المثير للجدل المحبب لدى مشاهير هوليوود» يتمثل باستهلاك كمية غير محددة من اللحم والبيض ومشتقات الحليب، لكنه يمنع السكريات والخبز. وإذا بحثتم عن هذه الحمية في محرك البحث غوغل، فستظهر أمامكم عشرات المقالات التي تقدم تفسيرات مختلفة.
وقد حظيت هذه الحمية باهتمام دراسة علمية حذرت من مخاطرها «أنالز أوف انترنال ميديسن»، لكن أيضا بدراسات أخرى تزعم بأنه بسبب هذه الحمية سيكون بإمكانكم خفض نسبة الكوليسترول في الدم بشكل أكثر فعالية (جورنال أوف ذي أميريكان ميديكال أسوسييشن). العدد غير المحدد من هذه الدراسات المتناقضة يساهم بخلق انطباع مفاده أنه لا يوجد فعليا من يعرف الحل الناجع. وفي ظل جو كهذا يسهل العثور على المجانين من أنواع مختلفة.
وبعض النساء اللواتي يخضعن لضغط وسائل إعلام الإثارة يكنّ مستعدات لتجربة أنواع الحمية المرتبطة بالمشاهير. وذلك لا يكون مرتبطا بالضرورة برغبتهن التشبه بهؤلاء المشاهير، بل لأنهن غير راضيات عن شكلهن، وبالتالي يتوقعن من خلال خفض أوزانهن تحقيق النجاح في الحياة العملية والخاصة على حد سواء. يفعلن ذلك بالرغم من أن الجانب الجسدي ليس جوهريا أبدا لتحقيق ذلك النجاح.
ناجحون جدا
وسائل الإعلام تعمل أيضا على تسويق المشهورين الذين لا يترددون في القيام بأعمال جنونية بهدف الحفاظ على الجسم «الصحيح». وتكشف عارضة الأزياء الشهيرة سيندي كروفورد بأنها «قبل كل وجبة طعام تشرب قليلا من خل العنب الذي يُغرق شهيتها، وبالتالي فإنها لا تشعر بعد ذلك بالحاجة لتناول كمية طبيعية من الطعام».
رينيه زيلويغير تتبع الحمية التي يدعي مروجوها أنها توضع وفق فئة الدم، أما مادونا فلا تتخلى عن ما يعرف بحمية المنطقة، بالرغم من أن هذا النوع يدمّر الكبد. أما جينفير لوبيز فتراهن على رائحة فاكهة الغريب فروت «لأن شم هذه الفاكهة لمدة خمس عشرة دقيقة يوميا يخفض الشهية على الطعام. إضافة الى ذلك فإن هذه الثمرة المرّة تنشر نكهة تؤثر في الإنزيمات في الكبد وتساعد بدورها على عملية الهضم».
المهم عدم الجنون
في النهاية لا يجب المبالغة بأي شيء أبدا، فإذا بدأتم فجأة بتغيير ملابسكم بأصغر منها كثيرا، وبدأ شعركم يتساقط، وتوقفت الدورة الشهرية عند النساء، أو بدأ الأهل يجدون في غرف أطفالهم طعاما مخبّأً ويكتشفون أن هؤلاء لا يأكلون جيدا، فإنه من المفترض أخذ جانب الحيطة والحذر والاعتراف بوجود مشكلة ما. فاللجوء إلى أنواع من أساليب الهرب التي تبدو سهلة بالنسبة للبعض، ليست في الواقع سوى تعبير عن مشاكل نفسية عميقة بحاجة إلى علاج.