يمكن الشفاء من سرطان عنق الرحم حين يُكتشف في مرحلة مبكرة. لكن وإن كان هذا السرطان في تراجع منذ حوالى 30 سنة، فهو لا يزال يصيب ثلاثة آلاف امرأة سنوياً، ويسبّب ألف حالة وفاة حول العالم. فكيف يمكن التصدّي لهذا المرض؟ يكمن الحلّ في قبول النساء بإجراء التقصّي. إلا أنه إلى حدّ اليوم، لا تؤخذ اللطاخة من النساء إلا حين يقصدن الطبيب النسائي للاستشارة أو حين يدخلن المستشفى. ومن هنا محدودية هذا الفحص. إذ إن النساء بعد انقطاع الطمث، لا يرين داعياً إلى استشارة الطبيب لأنهنّ لا يحتجن إلى وصفة لمنع الحمل. كذلك فإن النساء اللواتي يقطنّ في أماكن نائية يجدن صعوبة أحياناً في تحديد موعد مع طبيبهن النسائي. ولا تحبّذ الكثيرات إجراء الفحص عند الطبيب العام. والنتيجة أن النساء الأكثر قلقاً واللواتي لا يملكن الوسائل الكافية لا تتم متابعتهنّ بشكل جيد.
هل التقصّي المنظّم فاعل؟
يعني التقصّي المنظّم أن تخضع النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين الـ25 والـ65 عاماً لأخذ لطاخة كل ثلاث سنوات، ما يتطلّب تعبئة كل العاملين في المجال الطبي المؤهلين لأخذ اللطاخات (كالأطباء النسائيين والأطباء المعالجين والقابلات القانونيات). بالإضافة إلى إرسال بريد للنساء المبعدات عن الجهاز الصحي يدعوهنّ إلى إجراء الفحص. وقد طُبقت هذه الطريقة في أرجاء كثيرة من فرنسا، وحققت تقدماً ملموساً من جهة عدد النساء اللواتي أصبحن يخضعن للفحص.
هل ثمة حلّ أفضل؟
يشك معظم الأطباء النسائيين في أن يكون ثمة حلّ أفضل، لكن منهم من يقول خلاف ذلك. فبحسب دراسة حديثة، تشير الأرقام الى أن 20 إلى 30% من النساء اللواتي أصبن بالسرطان كن يخضعن بشكل منتظم لفحص اللطاخة. ومن التفسيرات التي يمكن تقديمها عن ذلك: غياب الخلايا المشتبه بها الظاهرة في اللطاخة المأخوذة في الفحص السابق، وتطوّر سريع لمرض ظهر في الفترة التي تفصل الفحصين، أو حدوث خطأ في التحليل. لهذا من الضروري التأكد من نوعية اللطاخة.
هل اللطاخة وسيلة جيدة؟
أظهرت الدراسات أن دقة فحص اللطاخة تقارب نسبة الـ65%، ما يعني أنه قد يعطي نتيجة سلبيّة على رغم وجود خلايا سرطانية. ومن بين ثلاثة آلاف حالة جديدة مصابة بالسرطان سنوياً، ستمر 600 إلى ألف حالة “صامتة” لا يكشفها الفحص. من هنا نسأل: هل يجب أن يكون التقصّي عن السرطان عن طريق اللطاخة فحسب؟ في هذا الشأن، يقول الدكتور جوزيف مونسونيغو المتخصّص في أمراض عنق الرحم، إننا نربح الكثير إذا عمدنا إلى إجراء فحص فيروس الورم الحليمي البشري. وعلى غرار فحص اللطاخة، يتم هذا الفحص عن طريق أخذ عيّنة من خلايا عنق الرحم.
لماذا لا يوصى كثيراً بفحص فيروس الورم الحليمي البشري؟
هدف هذا الفحص البحث عن فيروسات في الخلايا المأخوذة. ويسمح بالتالي بالكشف عن كل الإصابات بفيروس الورم الحليمي البشري تقريباً. لكن لا يوصى به للنساء ما دون الثلاثين عاماً، لأنه في هذه السن يكون الفيروس شائعاً ولكن غالباً ما تكون الإصابة به موقتة، أي من دون أضرار تُذكر. لكن عند النساء الأخريات، يُطلب إجراء هذا الفحص بعد ظهور نتيجة ملتبسة لفحص اللطاخة، لتقرير ما إذا كان ينبغي إجراء تنظير للمهبل (فحص لعنق الرحم بمكبّر يسمح بفحص خزعة). لأنه وحده لا يمكّننا من التمييز بين إصابة عابرة ومرض سرطاني. من هنا يبيّن خطر المبالغة في التشخيص لماذا لا يوصى بهذا الفحص للتقصّي المنهجي.
فحص جديد لفيروس الورم الحليمي البشري. هل يغيّر شيئاً؟
يستهدف الفحص الجديد جزءاً آخر من فيروس الورم الحليمي البشري. وبالتالي، يعد هذا الفحص إجمالاً أكثر دقة من سائر الفحوصات الطبية لأنه يسمح بتفادي عدم الدقة في التشخيص الذي يوفره فحص اللطاخة، والمبالغة في التشخيص الذي يوفره فحص فيروس الورم الحليمي البشري. وبهذا نوفر على النساء إجراء الفحوصات التي غالباً ما تثير مخاوفهن وتكلّفهن مبالغ لا يستهان بها.
ما هي إذاً الاستراتيجية الفضلى عملياً؟
يوافق معظم الأطباء على التقصّي بإجراء فحص اللطاخة كما هو. أما فحص الورم الحليمي البشري الجديد فيستلزم دراسات تشمل عدداً أكبر من النساء قبل أن يوصى به. لكن إلى حينها يوصى بالتقصّي المنظم. وفي فترة لاحقة سنتمكّن من استخدام وسائل أكثر دقة، لكن بثمن أكثر ارتفاعاً كهذا الفحص الفيروسي.
الفيروس:
– سرطان عنق الرحم ناتج من آفات يسبّبها فيروس الورم الحليمي البشري. وينتقل عند الاتصال خلال العلاقات الجنسية.
– ثمة لقاحان موجّهان للفتيات الشابات والنساء الشابات. لكنهما لا يحميان من جميع فيروسات الورم الحليمي البشري المسبّبة لهذا السرطان. كذلك لا يغني اللقاح عن إجراء فحص اللطاخة كل ثلاثة أشهر.