يوشك فصل الصيف على الانتهاء، ويصبح المناخ قابلاً لكل الاحتمالات، فمع ارتفاع درجتي الحرارة والرطوبة، والبقاء والنوم أمام أجهزة التكييف لفترات، يسبب تغير الطقس أمراض الجهاز التنفسي ونزلات البرد وأمراض الجهاز العصبي كما يؤثر سلبا على الجهاز المناعي للجسم، فبالرغم من التحذيرات الطبية المتكررة من استخدام أجهزة التكييف سواء في المكاتب أو المنازل أو السيارات، والتحذير من التغير المفاجئ في درجة الحرارة، ومن الاستمرار في استخدام أجهزة التكييف خاصة خلال النوم مع انخفاض درجة الحرارة أثناء الليل مما يسبب مشاكل كبيرة لا تقل على الإطلاق عن أخطار ارتفاع درجات حرارة الجو، ومن ثم تتزايد فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، والالتهابات التنفسية.
يوضح الدكتور عبد الحميد النشار، استشاري الأنف والأذن والحنجرة، حقيقة الانفلونزا، ويقول: “الإنفلونزا مرض معدي تسببه بعض الفيروسات من مجموعة أورثوميكسوفيريداي، التي تصيب الثدييات والطيور. وعادة ما تسبب أمراض الجهاز التنفسي خاصة الالتهاب الرئوي، كما تسبب أعراضاً أخرى كالسعال وألام في العضلات والإرهاق وصداع واحتقان البلعوم وارتفاع درجة الحرارة، والصداع.
وينتقل فيروس الانفلونزا بالهواء عن طريق السعال والعطس، وبإمكان الفيروس دخول الجسم البشري عن طريق الأغشية المخاطية للأنف والفم أو العين أيضا. كما من الممكن أن ينتقل عن طريق فضلات الطيور المصابة. والفيروس شديد العدوى وسريع الانتشار. ومن الممكن قتل الفيروس عن طريق المنظفات أو التعرض لضوء الشمس. فلهذا ينصح بغسل اليدين دورياً للحد من انتشار العدوى”.
المرحلة الانتقالية
يعلل الدكتور النشار أسباب انتشار الإنفلونزا خلال المرحلة الانتقالية بين الفصول المناخية، ويقول: “المعروف أن جسم الإنسان يقوم بتنظيم حرارته، ويبقيها ضمن الحدود المثالية، وذلك بتغير درجات الحرارة في البيئة المحيطة بالجسم، وتغير درجة حرارة الهواء بين الليل والنهار، وهذه العملية يطلق عليها ظاهرة “ التنظيم الحراري”، حيث يقوم الجسم باستهلاك المواد الغذائية لإنتاج طاقة حرارية يفرزها إلى الخارج ويطرحها للتدفئة، وبالتالي فإن 20% من المواد الغذائية المهضومة تبقى والنسبة المتبقية يتم هدرها لعمليات التنظيم الحراري في الجسم. وتؤثر درجات الحرارة الجوية في صحة جسم الإنسان، كما تؤثر في التركيب الخلوي الدموي وخلايا الكريات البيضاء بحيث يكون تأثير الحرارة على الجهاز الدفاعي للجسم”.
الحمى والالتهابات
ويضيف الدكتور النشار: “إن الأمر يتعدى أحياناً الإصابة بالزكام إلى الإصابة بالحمى والتهابات الحلق واللوز والرئتين “الجهاز التنفسي العلوي”، ومن ثم يُنصح بأن نبقى في ظروف درجات حرارة مثالية “معتدلة”، وعدم الإفراط في استخدام التكييف، والحذر عند الانتقال المفاجئ من الأماكن المكيفة إلى الأماكن غير المكيفة لتجنب مشكلات الجيوب الأنفية والتنفس، فالانتقال من الأماكن الباردة إلى الحارة مع ارتفاع نسبة الرطوبة، يسبب حدوث تبخر للمادة المخاطية الموجودة في الأنف بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى جفافها وإعطاء فرصة للأتربة التي تتسبب في حدوث حساسية للأنف، وتؤدي إلى انسداد فتحات الجيوب الأنفية، فيدخل الإنسان في مشكلات واضطرابات في التنفس والتهابات الجيوب الأنفية، فالناس في نهاية فصل الصيف عادة ما يدفعون ثمن الاعتماد الطويل على أجهزة التكييف، وغالباً ما ينتهي فصل الصيف، وقد اختزنت هذه الأجهزة كميات كبيرة من الغبار والفطريات في مصافيها والتي تتسبب في مشكلات التنفس وتكثر مع نهاية فصل الصيف. وفي هذه الحالة ينصح بغسل الأنف بالماء والملح أو بالماء فقط من حين لآخر، لمساعدة الجيوب الأنفية على التخلص من الأتربة وأي فطريات مترسبة لتفادي حدوث مشكلات الحساسية وانسداد الأنف”
أهمية الوقاية
ينصح الدكتور النشار بالاهتمام بالنظافة العامة، وأهمية التحصن أثناء الذهاب للنوم، والحرص على الراحة والنوم لفترات كافية، فقد كشفت الدراسات الطبية أن المرضي الذين يحصلون أقل من سبع ساعات نوم ليلاً كانوا أكثر بثلاثة أضعاف تعرضا للنزلات والبرد عن هؤلاء الذين يحصلون علي ثماني ساعات نوم علي الأقل ليلاً، والاعتماد على العلاج الطبيعي، وتناول السوائل الدافئة للوقاية من الجفاف وعدم الإحساس بالاحتقان،.
فالمشروبات الدافئة أكثر نفعًا عن المشروبات التي توازي درجة حرارة الغرفة، في تخفيف حدة أعراض نزلات البرد، كالأعشاب والعصائر والشاي الدافئ أو المياه الدافئة مع الليمون وعسل النحل، فالهدف من ذلك هو الترطيب لإذابة المخاط القادم من الأنف والحنجرة، أيضاً والاعتماد على”حساء الدجاج” الدافئة لما تحتوي على مكونات مضادة للالتهاب وتساعد في تسهيل خروج المخاط عبر الأنف.
وينصح كذلك بالغرغرة بماء دافئ به ملح لتخفيف الإحساس بآلام الزور، وقطرات الأنف للقضاء علي انسداد الأنف والحفاظ علي رطوبة أنسجتها خاصة لدي الأطفال، مع إمكانية استعمال بعض الأدوية المخففة للاحتقان أو الرشح بعد استشارة الطبيب. كما ينصح المدخنين بتقليل التدخين، حتى لا يؤدي إلي تفاقم أعراض البرد، وأخذ قسط كاف من الراحة، واستشارة الطبيب إذا استمرت نزلة البرد أكثر من سبعة أيام أيام، أو عند الإحساس بآلام أو أعراض حادة، أو عند ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو عند السعال الحاد أو المستمر”.
«التكييف» وكريات الدم البيضاء
أصبح من الثابت أن درجات الحرارة الجوية العالية أو المنخفضة، تحد من وجود “البلغميات” التي تقضي على السموم الداخلية للجراثيم أو غيرها من “البلغميات” النشطة الموجودة في مجرى الدم، وعلى العكس من ذلك فقد وجدت “البلغميات” في النشاط المثالي عند توافر درجات حرارة جوية مناسبة، لذلك يجب الحذر من التعرض لأجهزة التكييف لأن الحرارة المنخفضة تؤدي إلى التأثير في “البلغميات” أو الكريات البيضاء، وبالتالي يتم إضعاف الجهاز المناعي ثم الإصابة بالأمراض ويكون أولها الزكام، لذلك نشاهد تزايد الإصابات الزكامية في الأوقات الحارة من السنة، وأيضاً في الأوقات الباردة، وذلك بسبب نقص في “البلغميات” وزيادة في الجراثيم المتعايشة والفيروسات داخل الجسم وبالتالي الإصابة بالزكام”.