لا تزال زراعة الثدي إحدى أكثر عمليات التجميل التي يتم إجراؤها في الولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم. ولا يُنافسها إلاّ عمليات تجميل الأنف التي سبق الحديث عنها وعن مضاعفاتها في مجلة «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» قبل بضعة أشهر.
وفي عمليات التجميل بتكبير الثدي أو إعادة ترميمه، يُستخدم الثدي الصناعي للزراعة مكان الثدي الطبيعي. ولا تتوفر اليوم سوى الأثداء المصنوعة من السيلكون، سواءً كانت محشوة بهلام السيلكون أو محشوة بسائل مائي مالح.
أثداء السيلكون المحشوة بالسائل الملحي silicone saline filled breast implants هي فئة من الأثداء الصناعية. وتتكون من كبسولة مرنة ذات غلاف خارجي مصنوع من مادة السيلكون، ومملوءة بمحلول من الماء المالح المعقم. وبعض أنواعها مملوءة مسبقا من الشركة المنتجة، وأنواع أخرى منها، تأتي فارغة ثم يملؤها الجراح خلال العملية حسب حجم الثدي المُراد بروزه لدى المرأة.
أما أثداء السيلكون المحشوة بهلام السيلكون silicone gel filled breast implants فهي الفئة الأخرى من الأثداء الصناعية. وتتكون من كبسولة مرنة ذات غلاف خارجي مصنوع من مادة السيلكون، ومملوءة بهلام (جلّ) من سائل مادة السيلكون. وتتوفر بأحجام مختلفة، وهي إما ذات غلاف طري أو صلب نسبيا.
أحلام نسائية وواقعية علمية
وبين القوة الدافعة للأحلام الوردية الجميلة التي تحلم بها بعض النسوة بامتلاك ثدي متناسق في الشكل والحجم والمظهر، وبين واقع حال الجراحات التجميلية للثدي ومنتجات الشركات لأنواع الأثداء الصناعية، لا يزال هناك حديث طبي يتشعب يوما بعد يوم، حول أمان وسلامة استخدام مادة السيلكون لصناعة تلك الأثداء، وأفضل أنواعها المتوفرة في الأسواق الطبية، والمضاعفات المحتملة بعد إجراء تلك العملية، والتطويرات المقترحة من قبل الأطباء والباحثين العلميين لأفضل طرق إجرائها.
وعلى الرغم من إدراك كثير من النساء أن عملية زراعة الثدي ليست نزهة أو ذهابا إلى حفلة شاي، فإن هواجسهن ومخاوفهن ترتبط فقط وبشكل مباشر بمدى المعاناة من العملية الجراحية نفسها وبشكل الثدي بعد إجراء العملية ومدى الإحساس في الحلمة.
وصحيح أن هذه الأمور مهمة، إلاّ أن الأهم هو ما يشغل ذهن الوسط الطبي حول المضاعفات المحتملة، وتكرار إجراء عمليات التصليح للعملية الأولى، ولا تزال إدارة الغذاء والدواء الأميركية تُقر بملاحظات طبية جادة أخرى، مثل ارتفاع الإصابات بأحد أنواع الأورام السرطانية لخلايا الدم البيضاء لدى النسوة اللواتي خضعن لهذه الجراحة، كما تُقر بأن هناك شكوكا طبية أخرى حول ظهور آثار عكسية مختلفة.
هذا ولا تزال الهيئات الطبية المعنية بضمان متابعة سلامة المعالجات الجراحية والطبية، تُذكر أطباء التجميل بضرورة الإجابة على كافة استفسارات النساء وتوضيح الحقائق المتوفرة حتى اليوم لهن، وكذلك الجوانب التي لا تزال مجهولة وتحت البحث العلمي، حول الأثداء الصناعية وعمليات زراعتها.
كما تبذل تلك الهيئات الجهود لإعادة تذكير النسوة هؤلاء بأن علاقتهن بإصلاح شكل وحجم الثدي لا تنتهي عند مغادرة المستشفى لأول مرة بعد نجاح إدخال الثدي إلى تحت الجلد، بل إن المشوار الطبي يبدأ بعد ذلك من خلال المتابعة المتواصلة طالما بقي الثدي الصناعي في جسم المرأة وطوال العمر.
كما تُعيد تذكير عموم الناس بأنها لا تزال تُحاول معرفة الآثار العكسية والمضاعفات المحتملة على المدى البعيد، وأحد الأمثلة هو اعتراف إدارة الغذاء والدواء الأميركية لأول مرة في يناير (كانون الثاني) الماضي بأن هناك ارتفاعا في الإصابات بأحد الأنواع النادرة من السرطان عند زراعة الثدي الصناعي.
وبعيدا عن الدعايات أو كل كلام غير علمي، هناك نقطة مهمة يجب أن تعلمها النساء قبل التفكير بالعملية، وهو أنه لا يُوجد إنسان على وجه الأرض يعلم اليوم حقيقة مدى أضرار أثداء السيلكون الصناعية على المدى البعيد أو يجزم بأمانها مطلقا.
تقرير حديث مهم
وتقول إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA في مقدمة تقريرها الصادر هذا الشهر إنها حينما وافقت على بدء استخدام زراعة الثدي الصناعي من النوع المحشو بهلام السيلكون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، اشترطت على الشركات المنتجة لتلك الأثداء الصناعية تلبية طلبها بالالتزام بإجراء دراسات متابعة طبية لكي يتم التعرف أكثر على التأثيرات بعيدة المدى لها على صحة منْ تتم زراعتها لديهن ومدى أمان زراعتها في أجسامهن. وفي 22 يونيو (حزيران) الماضي أصدرت الإدارة تقريرها المتضمن ما توفر لديها من معلومات السلامة الـ«مبدئية» preliminary safety data من خلال نتائج متابعات تلك الدراسات الطبية التي قامت بها الشركات المنتجة.
ومن خلال أيضا معلومات السلامة الأخرى لها من الإصدارات الطبية والعلمية الحديثة والمحايدة لمراكز البحث العلمي، التي تم نشرها خلال الأعوام الخمسة الماضية. وكذلك من تقارير التبليغ عن الأحداث العكسية التي تم رصدها وتوثيقها طبيا كنتيجة لعمليات زراعة تلك الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون.
وقالت في تقريرها: «إدارة الغذاء والدواء الأميركية وافقت على استخدام نوعية الأثداء هذه من أجل زيادة حجم الثدي breast augmentation لدى النساء اللواتي في عمر 22 سنة وأكثر، ولدى جميع النساء في أي عمر من أجل عملية إعادة بناء وترميم الثدي breast reconstruction بعد جراحات استئصال الثدي بسبب الإصابة بالسرطان فيه.
وكذلك أٌقر استخدامها لعمليات التنقيح للثدي breast revision surgeries، أي تصحيح أو تحسين نتائج عمليات زيادة حجم الثدي أو عمليات إعادة بناء وترميم الثدي». وأضافت: «وبعد نحو خمس سنوات، تقول الإدارة بشكل رسمي إن النساء عليهن أن يفهمن بشكل تام مخاطر هذه العملية قبل التفكير بإجرائها لهم».
3 نقاط رئيسية
وذكرت ثلاث نقاط مهمة في هذا الشأن، وهي بترجمتها من التقرير:
– أولا: الأثداء الصناعية ليست أجهزة من المفترض أن تبقى في الجسم طوال العمر. وكلما طالت مدة بقائها في جسم المرأة، كلما ارتفعت أكثر احتمالات أن تحصل لديها مضاعفات تتطلب إما إزالتها كليا أو استبدالها. وتحتاج النساء اللواتي تمت زراعة ثدي صناعي لديهن، أن تتم مراقبة الثدي لديهن طوال حياتهن.
– ثانيا: المضاعفات والأحداث العكسية الأكثر ملاحظة هي: الشد في المنطقة المحيطة بالثدي المزروع، والانكماش الكبسولي capsular contracture.
والحاجة إلى إجراء عمليات متكررة للثدي. والاضطرار إلى إجراء عملية إزالة الثدي الصناعي المزروع. وتشمل المضاعفات الأخرى التفتق أو الثقب في الغلاف الخارجي للثدي الصناعي، أي تمزق الثدي المزروع implant rupture، وترهل تجاعيد الثدي، وعدم توافق حجم الثديين، وندبات جروح العملية، والألم، والالتهابات الميكروبية».
وكان التقرير أيضا دقيقا في النقطة الثالثة بقوله إن «الدراسات المتوفرة حتى اليوم لا تشير إلى أنها تتسبب بسرطان الثدي أو اضطرابات في الإخصاب أو أمراض النسيج الضام، مثل الالتهابات الروماتزمية الرثوية بالمفاصل rheumatoid arthritis.
ومع ذلك، ذكرت كتعقيب على هذا الكلام بأنه لا تُوجد أي دراسة كبيرة بما يكفي أو طويلة بما يكفي، من أجل أن يتم بشكل تام نفي أي من هذه الأمراض المتقدمة الذكر، أو نفي أي مضاعفات نادرة أخرى».
ولذا علق الدكتور جيفري شيرين، مدير مركز صحة الأجهزة والأشعة بالإدارة، بالقول: «إنه من المهم أن على المرأة التي زرعت ثديا صناعيا ولاحظت أي أعراض أن تراجع طبيبها».
خطوات ضرورية
وأعادت الإدارة تذكيرها جميع النساء اللواتي خضعن لجراحة ثدي صناعي من نوعية المحشو بالسيلكون أن يقمن بالتالي:
– المتابعة الطبية: الاستمرار في المتابعة الطبية لدى الطبيب. وإجراء الفحص الروتيني بأشعة الرنين المغناطيسي MRI لاكتشاف أي تمزق في الثدي الصناعي قد لا تتنبه له المرأة، ويُدعى «التمزق الصامت» silent rupture. وذلك مرة كل سنتين.
– الوعي والإدراك: وذلك للنقطة الأولى المتقدمة الذكر. وأضافت أن 20 في المائة من النساء اللواتي زرعن ثديا صناعيا أيا كان نوعه من أجل تكبير الثدي، سيحتجن إلى إزالته بالكلية خلال 10 سنوات من الزراعة. وأن 50 في المائة ممن زرعنه لبناء وترميم الثدي سيحتجن ذلك في خلال تلك المدة.
– التنبه لأي تغيرات: وذلك بإبلاغ الطبيب عن أي أعراض أو شكوى لم تكن من قبل.
وذكرت الإدارة أنها سمحت لشركتين فقط بترويج منتجاتها الخاصة بهذه العملية، وأنها على تواصل معهما ومع الباحثين الذين يُتابعون الحالة الصحية لجميع النساء اللواتي خضعن لهذه الجراحة.
وكون الأمر كذلك وسيلة لضبط مهمة مراقبة أي تغيرات تُصيب اللواتي خضعن لهذه الجراحة، كما تتيح الفرصة للإدارة لإعطاء هذه الشركات تعليمات واضحة حول مواصفات تلك الأثداء الصناعية بما يتوافق مع المعايير الصحية، ولمتابعة نوعية إنتاج هذه الشركات وأي عيوب تظهر عليها، ولضمان إجراء دراسات المتابعة التي لا تزال الإدارة تقول إنها بحاجة إليها للتأكد من أمان تلك الأثداء على المدى البعيد.
تأرجح القرارات الطبية
وبالنظر إلى تاريخ قرارات تنظيم زراعة الثدي الصناعي بالولايات المتحدة، وبالمراجعة التاريخية الطبية لتسلسل الأحداث في قرارات تنظيم إدارة الغذاء والدواء والسلطات الصحية بالولايات المتحدة لاستخدام الأثداء الصناعية، نلاحظ تأرجح القرارات الطبية حول السماح بها ثم منعها ثم إعادة السماح بها، مرات عدة. وأيضا نلاحظ عدم معرفة الوسط الطبي بالآثار السلبية البعيدة المدى لزراعة تلك الأثداء في أجساد النساء، والتشديد على الشركات المنتجة بضرورة توفير نتائج دراسات متابعة تلك الحالات.
والتسلسل هو كما يلي:
– 1976: أجاز مجلس الكونغرس تعديلات الأجهزة الطبية للعرض على الهيئة الفيدرالية للأدوية والأطعمة ومواد التجميل FFDCA. وكانت الأثداء الصناعية وفق هذا مصنفة تحت البند الثاني والذي يُرمز له بـ«510 k process»، مما يتطلب مراجعتها من خلال «عملية الإشعار قبل دخول السوق» premarket notification process.
وللعلم بالشيء، تُصنف إدارة الغذاء والدواء الأميركية طريقة نيل الأجهزة أو الأدوية أو المستحضرات موافقتها على استخدامها بالولايات المتحدة، إلى ثلاث فئات.
الفئة الأولى يجب أن تطابق فقط عموميات المواصفات العامة للإدارة في المنتجات. والفئة الثانية تتطلب إجراء عملية 510(k) التي تستخدم المقارنة بين المنتج الجديد مع منتج مشابه متوفر في الأسواق ونال الموافقة من قبل.
والفئة الثالثة أكثرها تشددا حرصا على سلامة الصحة العامة، وتتطلب إجراء عملية PMA أسوة بأي دواء يُطرح لأول مرة للاستخدام البشري.
– 1988: استجابة للقلق الطارئ في الأوساط الطبية والشعبية حول الأمان والسلامة، قامت إدارة الغذاء والدواء الأميركية بإعادة تصنيف الأثداء الصناعية تحت البند الثالث.
أي أصبحت تتطلب أخذ الموافقة عليها قبل دخولها السوق. ومع ذلك، وبسبب القوانين، استمرت معاملتها تحت البند الثاني إلى حين تمكنت الإدارة من إصدار مبدئي لقوانين ولوائح خاصة بتطبيق وضع الأثداء الصناعية تحت البند الثالث Premarket approval (PMA).
– 1991 (أبريل): أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية القوانين واللوائح النهائية للأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون السائل.
– 1991 (نوفمبر): شكلت الإدارة مجلس خبراء خاصا للالتقاء حول مناقشة الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون. وعلى الرغم من إقرار مجلس الخبراء أن الشركات المنتجة فشلت في تقديم معلومات تفيد بالسلامة والفاعلية، فإن مجلس الخبراء وافق بالإجماع على أن تقوم إدارة الغذاء والدواء الأميركية بإجازة هذه الأثداء للبقاء في السوق للاستخدام الطبي وزراعتها.
– 1992 (يناير): إدارة الغذاء والدواء الأميركية تعلن تطوعا قرارها بتعليق نشاط استخدام الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون.
وطلبت من الشركات التوقف عن تزويد المستشفيات بها، وطلبت من الأطباء التوقف عن زراعتها. وذلك لكي تتمكن الإدارة من مراجعة المعلومات الجديدة التي توفرت لها حينها حول السلامة والأمان. ولكنها لم تطلب من الشركات التوقف عن إنتاجها أو التوقف عن أبحاث تطويرها وتحسينها.
– 1992 (فبراير): وبناءً على المعلومات الجديدة، شكلت إدارة الغذاء والدواء الأميركية لجنة خبراء ثانية للالتقاء وإعادة تقييم مدى أمان وسلامة الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون.
وفي هذه المرة أوصى مجلس الخبراء الجديد بأن تُبعد وتُزال هذه النوعية من الأثداء الصناعية عن الأسواق، وبالتالي منع الأطباء من زراعتها، وذلك بانتظار مزيد من التقييم العلمي للمعلومات الجديدة حولها. ولكنها لم تنصح باستئصالها من أجساد النساء اللواتي زُرعت فيهن ولا أوصت بتوقف الشركات عن إنتاجها أو تطويرها.
– 1992 (أبريل): توصلت الإدارة إلى قرارين. الأول، أن لا أحد من العروض المقدمة للأثداء المحشوة بالسيلكون يحتوي معلومات علمية تدعم الموافقة على استخدامها للزراعة.
والثاني، الإبقاء على السماح باستخدامها للزراعة في حالات إعادة بناء وترميم الثدي وفي حالات استبدال المزروع من نفس نوعيتها. وعليه يجب أن يكون واضحا أنها تُعتبر تحت التجربة والاختبار، وأن النساء اللواتي تُزرع فيهن يجب متابعتهن ضمن الدراسات الطبية.
– 1992 (يوليو): أعطت الإدارة موافقتها على البروتوكول المرافق لدراسة شركة «مينتور» Mentor حول المتابعة الطبية لزراعة منتجها من الأثداء الصناعية المحشوة بالسيلكون وذلك فقط في حالات البناء والترميم وحالات الاستبدال. وفق ما ذكرته الإدارة في موقعها الإلكتروني بالنص.
– 1998 (مارس): أعطت الإدارة موافقتها على البروتوكول المرافق لدراسة شركة «أليرغان» Allergan حول المتابعة الطبية لزراعة منتجها من الأثداء الصناعية المحشوة بالسيلكون وذلك فقط في حالات البناء والترميم وحالات الاستبدال. وفق ما ذكرته الإدارة في موقعها الإلكتروني بالنص.
– 1998 (يونيو): وسعت الإدارة السماح بشكل محدود جدا لدراسة شركة «أليرغان» لتشمل عددا محددا من عمليات زراعة تلك الأثداء الصناعية المحشوة بالسيلكون، في حالات إعادة تشكيل حجم الثدي وحالات البناء والاستبدال في عدد محدد من المراكز الطبية.
– 2000 (مارس): عقدت لجنة الخبراء في الإدارة لقاءها لمناقشة ثلاثة أنواع معروضة من الأثداء الصناعية المحشوة بسائل ملحي، وذلك لدراسة ما إذا كانت مناسبة لتوضع تحت القوانين واللوائح الخاصة بتطبيق وضعها تحت البند الثالث، الذي تقدم أعلاه تفسير معناه. ووافقت لجنة الخبراء على تطبيق ذلك البند على اثنين منها، ولم تقبل النوع الثالث.
– 2000 (مايو): وافقت الإدارة لأول مرة على نوعين من الأثداء الصناعية المحشوة بسائل ملحي كي تُستخدم في الزراعة بحالات تشكيل حجم الثدي للنساء في عمر 18 سنة وما أكبر، ولحالات ترميم وبناء الثدي للنساء في أي عمر كن.
– 2000 (أغسطس): وسعت الإدارة السماح بشكل محدود جدا لدراسة شركة «مينتور» لتشمل عددا محددا من عمليات زراعة تلك الأثداء الصناعية المحشوة بالسيلكون، في حالات إعادة تشكيل حجم الثدي وحالات البناء والاستبدال في عدد محدد من المراكز الطبية.
– 2002 (يوليو): عقدت الإدارة اجتماع لجنة الخبراء لتحديث المعلومات والنتائج المتعلقة بـ«ما بعد التسويق» postmarket لنوعي الأثداء الصناعية المحشوة بسائل ملحي.
– 2002 (ديسمبر): شركة «أليرغان» قدمت تقرير نتائجها وفق متطلبات قانون البند الثالث، حول الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون.
– 2003 (أكتوبر): عقدت لجنة الخبراء اجتماعها، وتم التصويت على تقرير منتج شركة «أليرغان»، وكانت النتيجة 9 مقابل 6 لصالح الموافقة على منتجها بشروط؛ منها تحديد سن المرأة التي تستخدمه لتشكيل الثدي.
– 2003 (ديسمبر): شركة «مينتور» تُقدم تقرير النتائج المماثل حول الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون.
– 2005 (أبريل): راجعت لجنة الخبراء تقرير الشركتين، وكانت النتيجة 5 مقابل 4 لصالح عدم موافقة اللجنة على منتج شركة «أليرغان». وأيضا كانت النتيجة 7 مقابل 2 لصالح الموافقة على منتج شركة «مينتور» وفق شروط.
– 2006 (نوفمبر/ تشرين الثاني): أعادت لجنة الخبراء تقييمها وتصويتها، ووافقت على منتج الشركتين معا. ويُعتبر هذا القرار هو الأول في توفير نوعية الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون لحالات تشكيل الثدي وإعادة بناء الثدي وعمليات التنقيح منذ الحظر عام 1992.
وكانت الموافقة مشروطة بالتزام الشركتين، كل منهما، بإجراء 6 دراسات طبية تتضمن متابعة الحالات التي تمت زراعة تلك النوعية من الأثداء لديهما.
تقرير السلامة
– 2011 (يناير): أصدرت إدارة الغذاء والدواء تقرير «تواصل السلامة»، كرسالة موجهة للناس حول علاقة زراعة الثدي بنوعية نادرة من سرطان الخلايا اللمفاوية الكبيرة anaplastic large cell lymphoma (ALCL).
ووفق مراجعة الإدارة للمعلومات المتوفرة، فإن الإدارة أكدت صراحة أن هناك ارتفاعا في الإصابات بهذا النوع من السرطان في منطقة الأنسجة الطبيعية المحيطة بكبسولة الثدي الصناعي، لدى اللواتي تمت زراعة تلك الأثداء لديهن. والإدارة لا تجزم أن هذه العلاقة من نوع السبب والنتيجة، بل ربما تكون كذلك وربما لا تكون، نظرا لأن المعلومات غير كافية.
– 2011 (يونيو): الإدارة تصدر تحديثها لتقرير السلامة والأمان للأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون، وهو الذي تقدم عرضه في بداية هذا المقال.
جوهر المشكلة
وقد يسأل البعض: لماذا تطرح هذه القضية الطبية، وما المشكلة اليوم لدى الهيئات الطبية المعنية بمراقبة الوسائل العلاجية والجراحية مع زراعات الثدي؟
وللإجابة يتضح جانب من المشكلة من تقارير هيئة الغذاء والدواء الأميركية حول ما تم إنجازه من تعهدات الشركات المنتجة لتلك الأثداء الصناعية بإجراء الدراسات الطبية.
وتقول الإدارة في موقعها الإلكتروني: «كشرط للموافقة على استخدام الأثداء الصناعية المحشوة بهلام السيلكون، طلبت الإدارة من صانعي تلك الأثداء إجراء ست دراسات طبية لـ«مرحلة ما بعد الموافقة» post*approval من أجل التعرف على أدائها الطويل الأجل وأمان سلامة تلك الأثداء». وذكرت الإدارة بالتفصيل مواصفات كل واحدة من تلك الدراسات الطبية الستة المطلوبة.
وصحيح أن الإدارة أعطت شيئا من العذر لعدم اكتمال إجراء الدراسات تلك بأن المدة الزمنية لأمد المتابعة طويلة بالفعل، إلاّ أن ذلك يعني أولا وقبل كل شيء، أن الغاية منها لم تتحقق، أي أن المعلومات، التي يحتاج الناس معرفتها حول أمانها البعيد المدى، لم تتوفر حتى اليوم.
وأعطت الإدارة بعض التفاصيل المثيرة للجدل. ومنها أن معدل المتابعة في دراسة إحدى الشركتين من نوع «الدراسة الجوهرية» Core Study لم يتجاوز 66 في المائة من بين جميع المشمولات فيها من السيدات اللواتي خضعن لتلك العمليات.
هذا مع العلم أنها شملت عددا ليس كبيرا من النساء، بل فقط 715 امرأة. والحال في دراسة الشركة الأخرى كان بالفعل أسوأ، إذْ لم تتجاوز نسبة المتابعة 58 في المائة والعدد لم يتجاوز 1008 امرأة. وكذلك الحال في الدراسة من نوع «الدراسة الواسعة» Large Study، حيث العدد نحو 40 ألف امرأة. وإحدى الشركتين تجمعت لديها معلومات حول 60 في المائة فقط من النساء بعد سنتين من المتابعة، والأخرى عن 21 في المائة من النساء بعد ثلاث سنوات من المتابعة.
وهذه النجاحات المتواضعة في تجميع المعلومات من خلال الدراسات الطبية، التي يعتمد الوسط الطبي على نتائجها في الإجابة على استفسارات النساء، تُلقي تساؤلات مشروعة حول مدى الاستفادة الطبية من نتائجها.
ذلك أن تدني نسبة النجاح في متابعة أكبر قدر الممكن، يعني تدني الثقة في مدى تعبير النتائج عن وصف ما جرى لأولئك النسوة بعد زراعة الأثداء الصناعية تلك في أجسادهن، خاصة مع تقدير الإدارة بأنه تم إجراء ما بين 5 إلى 10 ملايين عملية زراعة ثدي صناعي في كافة أنحاء العالم حتى اليوم. والأمر هنا لا يحتاج إلى مزيد من الشرح.
وعلى الرغم من هذه «الخروق النوعية» الواسعة في جودة دراسات المتابعة الطبية، اعترفت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قبل بضعة أشهر فقط أن ثمة ملاحظات حول ارتفاع الإصابات بتلك النوعية المتقدمة الذكر من الأورام الليمفاوية النادرة الحصول بالأصل بين السيدات.
ولا يُعلم ما سيظهر لنا لاحقا غير هذا مع الأيام، وخاصة مع نوعيات أثداء صناعية تصنعها شركات غير تلك المذكورة والتي تُعتبر الأفضل في العالم، وعلى الأقل القادرة على تحقيق المطابقة لأفضل الشروط الصحية بالولايات المتحدة.
قائمة بمضاعفات عمليات زرع الثدي الصناعي
– أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية كُتيّب تعريف بالمضاعفات المحتملة والمعلومة حتى اليوم لعمليات زراعة الأثداء الصناعية بعنوان Breast Implant Complications Booklet.
وقالت الإدارة إنه يُلقي الضوء على المضاعفات الموضعية local complications الأكثر شيوعا عند زراعة أثداء السيلكون بنوعيها، أي التي في الثدي ومنطقة الصدر. وذكرت منها:
– اللاتناسق Asymmetry. يبدو الثديان غير متوازيين ومتفاوتين في الحجم أو الشكل أو المستوى. وكنتيجة مباشرة، ينشأ عدم الرضا والانزعاج وخيبة الأمل من العملية ونتيجتها. وأحد الأسباب هو عدم وضع الثدي الصناعي في المكان المناسب، أو تزحزحه عن مكانه بعد العملية بفعل عوامل عدة، كالجاذبية الأرضية أو إصابات الحوادث أو الضغط على الثدي في وقت مبكر بُعيد العملية أو انكماش الكبسولة أو غير ذلك.
– تفريغ الثدي من حجمه البارز Deflation. ونتيجة للتهتك والتمزق في غلاف السيلكون، يتسرب السائل المائي الملحي، أو يتسرب هلام السيلكون السائل. وبالتالي ينهار حجم الثدي البارز.
وتشمل أسباب التمزق انكماش الكبسولة، والضغط خلال تصوير ماموغرام أشعة الثدي، والتلف خلال إجراء عمليات الثدي كأخذ عينة منه أو سحب السوائل التي تتجمع فيه، أو كنتيجة لطول عمر الثدي المزروع، أو كنتيجة لزيادة ملء الثدي الصناعي بالسائل، أو كنتيجة لزيادة الضغط من الخارج على الثدي أو إصابته خلال الحوادث أو السقوط، وغير ذلك. وحصول التمزق والتسريب يتطلب إزالة الثدي المزروع وتنظيف داخل الثدي الطبيعي من تلك السوائل والمواد المتسربة إلى منطقة الثدي أو الإبط أو جدار الصدر أو جدار البطن.
وتجدر ملاحظة أن بعض النسوة قد يلحظن تغير حجم الثدي نتيجة للتمزق والتسريب، وبعض النسوة قد لا يلحظن ذلك. وهو ما يُعرف بالتسريب الصامت. ولذا يُنصح طبيا بإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي للثدي المزروع مرة كل سنتين على أقل قدير من أجل ملاحظة أي تمزقات.
– انكماش الكبسولة Capsular Contracture. والشد قد يعتري الأنسجة الملتصقة بكبسولة الثدي المزروع، مما يُؤدي إلى تصلب وقسوة الثدي والضغط عليه.
وهناك أربع درجات من الانكماش، تُسمى درجات بيكر Baker Grades. وفي الدرجة الثالثة يبدو شكل الثدي صلبا وغير طبيعي بدرجة واضحة ومزعجة.
وفي الدرجة الرابعة يغدو بالإضافة إلى ذلك مؤلما. وتشير المصادر الطبية بالولايات المتحدة إلى أن الدرجة الثالثة والرابعة تُعتبر «شديدة» وقد تتطلب إعادة إجراء العملية أو إزالة الثدي الصناعي المزروع.
– ألم الثدي. في منطقة الحلمة أو منطقة الثدي نفسه وما جاورها. وقد لا يكون هذا الألم فقط في فترة ما بعد العملية، بل قد يظهر في فترات أخرى. وقد يستمر أو يظهر ويختفي.
– ضمور أنسجة الثدي Breast Tissue Atrophy. وبالتالي ترقق وانكماش الجلد المغلف للثدي. وضمور الأنسجة هذا قد يكون أحد أسباب الإحساس الواضح Palpability، أي أنه عند لمس الثدي، يتم بوضوح الإحساس بالثدي الصناعي وليس بما يُعرف من ملمس معتاد للثدي. وكذا احتمال رؤية كبسولة الثدي كشيء واضح للعيان عند رؤية الثدي.
– ترسب الكلس Calcification/Calcium Deposits. وبالتالي ظهور كتل صلبة تحت الجلد المحيط بالثدي المزروع. وقد يشتبه مظهرها على الطبيب عند إجراء ماموغرام mammography أشعة الثدي، وتثير احتمالات وجود ورم سرطاني بالثدي، مما قد يضطر إلى إجراء جراحة جديدة بالثدي.
– تشوه جدار الصدر Chest Wall Deformity. وبالتالي يظهر عدم التناسق والتشوهات في جدار الصدر والضلوع التي تحته.
– تأخر التئام الجرح Delayed Wound Healing. إما فشل حصول عملية التآم شق الجلد بشكل طبيعي أو أنها تأخذ وقتا أطول من المعتاد والمتوقع. والأسباب متعددة لحصول هذه المشكلة.
– لفظ الثدي المزروع Extrusion. وقد يتشقق الجلد ويتهتك، وبالتالي يظهر الثدي الصناعي واضحا للعيان عبر شقوق الجلد تلك.
– التجمع الدموي Hematoma. وقد تتجمع كميات متفاوتة من الدم بالقرب من منطقة جرح العملية أو الأنسجة المحيطة بالثدي داخل جسم المرأة. وهو ما يتسبب بتورم وكدمات جلدية وألم.
وعلى الرغم من أن هذه التجمعات الدموية تحصل في فترة ما بعد العملية مباشرة، فإنها أيضا يُمكن أن تحصل في أي وقت بعد ذلك، ولو بعد سنوات، عند إصابات الحوادث التي تطول الثدي. والجسم قد يتمكن من امتصاص التجمعات الدموية الصغيرة، إلاّ أن الأكبر حجما تتطلب سحبها بالجراحة.
الالتهابات الميكروبية. وتحصل حينما تتلوث منطقة العملية بالميكروبات، سواءً خلال العملية الجراحية أو بعدها. وإذا لم تستجب تلك الالتهابات الميكروبية للمضادات الحيوية، يتطلب الأمر إزالة الثدي المزروع. وقد يُصاحبها تورم الغدد الليمفاوية في منطقة الإبط أو الرقبة.
– تغير الإحساس في الحلمة أو الثدي. وهو ما قد يكون على هيئة تدني الإحساس، وبصفة ربما دائمة. وقد يُؤثر على التفاعل الجنسي أو إدرار حليب الرضاعة من الثدي.
– تجمع السوائل حول الثدي المزروع Seroma. ولأسباب غير معروفة أو كنتيجة للإصابات في الحوادث أو الالتهابات، قد تتجمع السوائل حول الثدي المزروع. وهذه السوائل تُؤثر على شكل الثدي واستقرار الثدي المزروع، مما يتطلب إزالتها جراحيا بالسحب.
– سرطان الخلايا الليمفاوية الكبيرة (anaplastic large cell lymphoma (ALCL. وتقدم الحديث عنه ضمن متن المقال.
– إعادة الجراحة في منطقة الثدي. وتقول الإدارة إنه لا ضمانة بأن المرأة سوف تحصل على نتيجة مرضية من عملية زراعة الثدي أو عدم الاضطرار إلى إعادة الجراحة فيه.
والأثداء المزروعة ليست أجهزة تُوضع لتستقر في الجسم طوال العمر، وكلما طال أمد بقائها كلما زادت احتمالات مضاعفاتها والاضطرار لإزالتها. والعمليات المحتملة تشمل إزالة الثدي المزروع دون وضع شيء بديل أو مع وضع ثدي صناعي بديل، أو عمليات إعادة إصلاح شكل تشوهات ندبات جروح العملية، أو إزالة السوائل أو الدم المتجمع في منطقة العملية أو حول الثدي المزروع في أي وقت تظهر التجمعات تلك، أو إعادة وضع الثدي المزروع في مكان مناسب بعد تغير موضعه، أو لأخذ عينة من الثدي أو الأورام التي تنشأ فيه حول الثدي المزروع، وغير ذلك من الأسباب والدواعي. وسبق في المقال ذكر الإدارة لأرقام نسب احتمالات الحاجة لإزالة الثدي الصناعي المزروع.
– الرضاعة والأطفال. وتقول الإدارة إن بعض النساء ينجحن في إرضاع أطفالهن بعد زراعة الثدي الصناعي وولادتهن، وبعضهن لا يستطعن ذلك.
واللواتي يتم لهن إزالة الثدي الأصلي ووضع الثدي الصناعي، أكثر احتمالا لعدم قدرة إرضاع الطفل نتيجة لفقد الغدد والأنسجة اللازمة لإنتاج الحليب.
والمهم هو ما تذكره الإدارة من أنه لا يُعرف حتى اليوم ما إذا كانت كميات بسيطة من السيلكون تتسرب إلى الطفل من خلال الحليب مع الرضاعة.
ولا تتوفر أي وسيلة اليوم لقياس نسبة مادة السيلكون silicone في حليب الأم المرضعة التي لديها ثدي صناعي. وهناك مخاوف من تأثيرات ثدي السيلكون في جسم المرأة الحامل على سلامة الجنين عند الحمل به. وبعض الدراسات لاحظت تدني وزن الجنين، والأمر يحتاج مزيدا من البحث والملاحظة.