أين يذهب الحب بعد الزواج؟ ولماذا تتبدل المشاعر الجميلة بعد فترة ويصل الأمر لحد أن الزوجة لا تطيق عشرة زوجها برغم أنها مازالت تكن له المشاعر وتحتمل الحياة علي أمل انصلاح الأحوال.
وكثير من الزوجات يعشن في حيرة بين حبهن لأزواجهن ورفضهن لتصرفاتهم, فالزوج هو أكثر إنسان قادر علي إدخال البهجة والسعادة الي حياة الزوجة وأيضا الوحيد الذي يستطيع أن يبكيها ويشعرها بالحزن والأسي.
تري.. ما الذي يجعل هذا الشعور البغيض يتسلل الي عقل زوجة محبة لزوجها؟ وكيف يمكن التغلب علي هذا الشعور حتي لا يصل الي قلبها؟
قبل التعرف علي رأي المتخصصين كان لابد من الاستماع لكلمات بعض الزوجات اللاتي يعشن هذا التناقض بين حب الزوج ورفض تصرفاته وأفعاله.
< نهي ـ محاسبة ـ تقول: برغم كل ما أعانيه من زوجي لم أفكر يوما في الطلاق منه لأنني مازلت أحبه!.. فهو إنسان طيب وكريم وأثق بأنه يحبني, ومع ذلك أشعر في كثير من الأوقات بأنني لم أعد أطيق عشرته؟
< سماح ـ موظفة ـ زوجي ينسي دائما كم الأعباء الملقاة علي عاتقي ولا يغفر لي أي تقصير ولو بسيطا, فهو لا يقبل وجود شيء في غير مكانه ولو كان ذلك عن غير قصد ولا يري البيت النظيف المرتب ولكن دائما لا تقع عينه إلا علي ما لا يعجبه.
< أما نهاد السيد ـ أم لطفلة عمرها سنتان ـ فتشكو من تأنيب زوجها المستمر لها علي أي خطأ ترتكبه الابنة وكأن تربيتها مسئوليتها وحدها, كما أنه يتجاهل مشاعرها واحاسيسها المرهفة فهي انسانة رومانسية جدا ودائما تسعي لإسعاده واسعاد أسرتها ولا تجد منه سوي السخرية واللامبالاة.
< وتقول سهير محمود: زوجي مريض بداء المقارنة فهو دائما يقارن بيني وبين شقيقاته وبين أبنائنا وأبنائهن, بل أبناء كل المعارف, فهو دائما لا يري سوي محاسن الغرباء ولا يفترض أن لديهم عيوبا, ويركز علي عيوبنا ولا يري مزايانا حتي كدت أكره لقاءات المعارف وزياراتهم حتي لا تنتهي بمشاجرة يطول فيها النقاش الذي لا يخلو من تجريح كل منا للآخر في اطار دفاع كل منا عن وجهة نظره.
< سناء مصطفي ـ تقول: برغم أن زوجي لا يتسم بالبخل فإن معظم خلافاتنا تتعلق بالأمور المادية, فهو دائما يتهمني بالتبذير والاسراف, في حين أنه عندما يذهب لشراء طلبات محددة يعود محملا بما يروق له هو ويغفل كثيرا من الضروريات, وعلي أن أشكره وأشيد بما فعله ولا أطلب نقودا لأشتري ما ينقصنا.. فكيف أطلب وقد دفع كل هذه المبالغ؟!
> م.ن ـ تقول: في كثير من الأحيان أريد أن أصرخ في وجه كل من يصف زوجي بأنه مهذب ولبق ومجامل وبشوش, فهو فعلا كذلك ولكن مع الأغراب فقط, أما داخل البيت فهو عصبي ومكتئب وعابس الوجه دون مبرر, كما أن نبرة صوته عالية جدا مما يجعل الجيران يظنون أننا في حالة شجار دائم, واذا سألته عن السبب فيكون الرد سيلا من الانتقادات علي أمور تافهة. هذا مع العلم أنه كريم جدا ويعمل كل ما بوسعه لتأمين مستقبل الأولاد ولا يؤخر لي طلبا وإلا لما كنت احتملته طيلة أعوام زواجنا الاثني عشر.
حملنا كلمات الزوجات وطرحناها أمام د. مروي عبدالمجيد مدرس الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس, فقالت إن أي علاقة زوجية مهما كانت سعيدة تتعرض لبعض التقلبات, فالارتباط بشخص آخر يتطلب بذل العطاء ويفرض قيودا والتزامات مع كثرة ضغوط الحياة اليومية الضيق والتوتر ــ مما قد يزيد من حدة ردود أفعال كلا الطرفين, وهناك عدة عوامل تؤثر في العلاقة الزوجية:فالسمات الشخصية لكل طرف لها تأثير قوي علي الزواج, فهناك الشخص الشكاك الذي يضع الطرف الآخر دائما موضع اتهام, والشخص النرجسي, فهو يريد أن يكون محور الكون ولا يبالي بأحد إلا نفسه, أيضا الشخص الاتكالي السلبي الذي يرفض تحمل المسئولية ويعتمد علي الزوجة في كل شيء, والشخصية حادة المزاج أو الهيستيرية وتكون أكثر في السيدات وهي دائما رد فعلها مبالغ فيه أي تعمل من الحبة قبة, كما أن الشخصية كثيرة النقد من كلا الطرفين لها تأثير بالغ السوء حتي ولو بدافع الحب والخوف.
النواحي الاقتصادية والاجتماعية لها تأثير ايضا, فانشغال الزوج بالسعي وراء المال لتوفير احتياجات أسرته واهماله تلبية احتياجات الزوجة من حب وحنان وعطف واهتمام ورحمة لا يجعل له رصيدا لديها تدخره لتستطيع التغلب علي ما يطرأ علي حياتها الزوجية من مشكلات وأزمات.
وهناك عامل مهم جدا انتشر في الفترة الأخيرة وهو ثقافة المجتمع أو تأثير الجماعة, بمعني أن انتشار ظاهرة الطلاق والفتور الزوجي أصبح شيئا مقبولا اجتماعيا عما كان في السابق, وكأن هذا هو الطبيعي في البيوت المصرية مما أدي الي انعدام الدافع لكل طرف لإنقاذ علاقته بالآخر.
وتوضح د. مروي: ان الحياة الزوجية كالنبتة الصغيرة يجب رعايتها لتترعرع وتثمر حياة هادئة ناجحة قوامها الحب والتفاهم وتنصح كل زوجين ببذل كل طاقاتهما لإنجاح حياتهما الزوجية, فعلي الزوجة أن تعلم نفسها كيف تساعد الزوج علي التخلص من الصفات التي لا ترضي عنها أو تحاول التكيف معها ولا تسمح لإحساس الرفض والكراهية بالتسلل إليها لأنه يزيد من توترها وعليها التحكم في غضبها حتي لا يتصعد الموقف والانسحاب عند نقطة معينة ليس ضعفا منها وانما لتستطيع إدارة حوارها مرة أخري بطريقة هادئة دون انفعال, ومن الضروري معرفة السبب وراء تلك الاحاسيس تجاه الزوج وأن تعي أنها تعيش مع بشر له ميزاته وعيوبه يخطئ ويصيب وأن السعادة الأبدية لا تكون إلا في الروايات وأنها لن تستطيع أن تتذوق طعم السعادة اذا لم تمر بالأزمات, ولابد أن يخصص الزوجان وقتا يقضيانه معا بمفردهما كل فترة يغمره الحب والتآلف والبعد عن النقد وسرد السلبيات.