يسود اعتقاد بأن أسباب النوع الثاني من داء السكري، أو سكري البالغين، تنحصر فقط في خلل ونقصان إفراز هرمون الأنسولين من خلايا بيتا بالبنكرياس، وكذلك مقاومة عمل الأنسولين في العضلات وعلى مستوى خلايا الجسم.
ونشير هنا إلى أنه مع بداية هذا العصر وفي السنوات العشر الأخيرة بدأ التفكير في آليات وأسباب أخرى ربما تكون مسؤولة عن هذا النوع من السكري.
وكان اكتشاف مجموعة هرمونات ومواد أمينية تفرز من الأمعاء الدقيقة تعمل على السيطرة على ارتفاع سكر الدم بعد الوجبات سميت بالإنكرتين (Incretin)، وتفرز في الدم بعد تناول الأكل عن طريق الفم فقط، وأن مستوى هذه الهرمونات قليل لدى الناس المصابين بالنوع الثاني من السكري.
وبعد دراسات كثيرة تم إنتاج مواد طبية مشابهة لهذه الهرمونات سميت «1-GLP» لكنها لا تستمر في مستواها الطبيعي في الدم إلا لدقائق معدودة فقط نتيجة لتكسرها من قبل إنزيم معين يسمى «4-DPP».
لذلك ركزت كل الدراسات الطبية على نوعين من المواد الطبية المساعدة لرفع مستوى هذه الهرمونات في الدم لدى المصابين بالسكري من النوع الثاني.
وكانت الأولى تتركز على مشابهات لمادة «1-GLP» تكون مقاومة للتكسر وتستمر في الدم لمدة 24 ساعة. أما النوع الثاني من الأبحاث فتركز على إنتاج أدوية مهبطة لإنزيم «4-DPP».
وكان النجاح في إنتاج أدوية معدلة للإنكرتين في السنوات الثلاث الأخيرة (مشابهات الإنكرتين ومثبطات الـ«4-DPP») لعلاج النوع الثاني من السكري، والتي تعتبر ذات آلية عمل فريدة ومميزة.
ومن أهمها دواء «Exentide» أو «Byetta»، يعتبر من مشابهات الـ«1-Glp» والمقاوم للتكسير، ويعطى عن طريق الحقن تحت الجلد يوميا.
والآن في طور صناعة النوع طويل المفعول والذي يُؤخذ مرة واحدة في الأسبوع تحت التسجيل لدى وكالة الغذاء والدواء الأميركية ويتوقع الموافقة عليه خلال 6 أشهر من الآن.
كذلك دواء «Sitagliptin» أو «Januvia» وهو من مثبطات الإنزيم «4-DPP»، ويسمح لهرمون «1-GLP» بالوصول للتركيز المناسب لدى المصابين بالنوع الثاني من داء السكري، ويؤخذ مرة واحدة يوميا عن طريق الفم، ويمكن استخدامه منفردا أو مع أدوية السكر الأخرى، وهو من أفضل هذه الأدوية ويتميز بفعالية جيدة في ضبط مستوى السكر في الدم مع مستوى أمان ممتاز.
وأثبتت الدراسات العلمية أن استخدام دواء «Sitagliptin» سوف يساعد نسبة كبيرة من مرضى السكري من النوع الثاني على الوصول للمستوى الطبيعي من السكر من دون زيادة في الوزن، بل ربما يؤدي إلى نقص الوزن وذلك من دون أن يسبب هبوط سكر الدم.
أبحاث واعدة لمرضى السكري
إشراقة أمل جديدة قد تظهر في الأفق لبعض مرضى داء السكري نتيجة أبحاث قامت بها مجموعة من العلماء في كلية طب بينينسولا التابعة لجامعة إكسيتر وبلايموث البريطانية، الذين قاموا بدراسة عينات نسيجية أخذت من بعض حديثي الوفاة عقب تشخيصهم المبكر بالإصابة بداء السكري (من النوع الأول)، إذ كان من المعتقد أن خلايا البنكرياس المسؤولة عن إفراز الأنسولين لا تتكاثر إلا نادرا بعد مرور العام الأول عقب الولادة، إلا أن الأبحاث النسيجية على العينات السالفة الذكر أفادت بتكاثر هذه الخلايا في بعض الأشخاص حديثي الإصابة بداء السكري من النوع الأول، حسب دراسة نشرتها دورية علوم السكري Diabetologia.
وعلى الرغم من عدم فهم الأسباب الكامنة وراء مثل هذه الظاهرة بطريقة كافية، وإن كان يعتقد أن للتفاعلات المناعية دورا فيها، فإن الاكتشاف ذاته يفتح الباب أمام المزيد من الدراسات لمحاولة حث خلايا البنكرياس على التكاثر وإنقاذ حياة ملايين البشر ممن يعانون من داء السكري.