يبكي الجميع عليه، وينظرون لبعضهم البعض محاولين تكذيب ما يحدث، لكنهم يصطدمون بأنها حقيقة لا خيال بها، وبينما هم في أعماق أحزانهم، يخرج هو إليهم في ذعُر تلألأ في أعينهم، لينصب في الآذان تهليل لما كذبوه في أنفسهم، فهو ذهب لزيارة أحد أقاربه بالإسكندرية ولم يمُت، لكن إشاعة وفاته كانت قد خرجت كالرصاصة في قلوب من أحبوه، فدشنوا تأبينًا له في نقابة الممثلين، لكنه كذب هذا عندما وجدوه أمامه، وتشاء الأقدار أن يرحل عن الحياة بالفعل بعدها بأسابيع قليلة.
كان أول فيلم يخرجه يحمل في البداية اسم «نداء الله»، ولم يكن ضمن فريق ممثليه، لكن بعد أن تولى استكمال إخراجه تم تغيير الاسم إلى «ليلى»، وشارك هو في بطولته إلى جوار عزيزة أمير وأحمد جلال والراقصة بمبة كشر، والطريف أنه احتفل بعيد ميلاده في أول يوم عرض للفيلم في 16 نوفمبر 1927، ويومها قال إنه عيد ميلاده السادس والثلاثين، وبهذا وبدون أن يقصد أشار إلى تاريخ بداية السينما المصرية، حسب «السينما دوت كوم».
قليلون من يعرفون أن بداية إستيفان روستي هي نفسها بداية السينما، فعلى يديه ولد أول فيلم في تاريخ السينما المصرية، لم يكن ممثلاً، بل بدأ مخرجا وكاتبا للسيناريو، ثم انتقل من وراء الكاميرا ليقف أمامها ويصبح أروع من جسد أدوار الشر التي ألبسها ثوب الكوميديا، فاستحق لقب «الكوميديان الشرير».
لم يكن «روستي» مجرد حالة فنية عبقرية يندر تكرارها على الصعيد الفني، بل كان حالة إنسانية مبهرة توضح ما كنت عليه مصر في القرن الماضي وحتى منتصفه، رجل أوروبي الأصل يعد جزء لا يتجزأ من الثقافة المصرية أكثر ممن يعيشون بمصر، رحل «روستي» ومازلنا نتذكره وجها حاضرا وتاريخا فنيا لا ينسى، رحل وهو لا يملك سوى 7 جنيهات رغم أصوله الارستقراطية العريقة، لكنه ترك رصيدا طاغيا من المحبة والإيفيهات والأفلام المستمرة على مر العصور.
وفي ذكرى رحيل إستيفان روستي، نرصد 40 معلومة عن «صاحب السعادة كشكش بيه».
40. ولد إستيفانو دي لا روستي في 16 نوفمبر 1891، وتم كتابة اسمه في شهادة الميلاد علي نفس اسم والده «استيفني دي رستو».
39. كان والده بارون نمساوي من أكبر العائلات الأرستقراطية وكان يسكن قصرا في فيينا، وتعرف على والدته الإيطالية في روما، وتزوجها وحضرا معا للعيش في مصر أثناء عمله سفيرا للنمسا في القاهرة، وأعجب بالإقامة فيها واشترى منزلاً في شبرا.
38. انفصل والده عن أمه بسبب المشاكل التي قابلت عمله الدبلوماسي بسبب زواجه من إيطالية، ما أثار غضب حكومة بلاده عليه، فأقالته من منصبه، وهددته أسرته بسحب لقب «كونت» منه، على اعتبار أنه كان من إحدى الأسر الحاكمة، فقرر ترك العمل السياسي، وغادر إلى بلاده، وهناك وقع خلاف حاد بينه وبين عائلته التي اعترضت على زواجه من خارج العائلة حسب تقاليدهم، وإرضاء لأسرته رجع لزوجته السابقة ولم يعد إلى القاهرة مطلقا، وأراد أن يصطحب ابنه معه، لكن الأم رفضت وقررت البقاء مع ابنها في مصر.
37. قضى «روستي» طفولته في مصر مع والدته التي قررت الهرب بطفلها إلى الإسكندرية خشية من محاولة والده خطفه، وعاشا في منطقة رأس التين، حيث التحق «روستي» بمدرسة رأس التين الابتدائية، واكتسب جنسيته المصرية بحكم مولده.
36. ظهرت الموهبة الفنية لدى «روستي» وهو لا يزال تلميذا بالمدرسة الثانوية، حيث كان عاشقا للتمثيل، وعلى الرغم من تحذير المدرسين له من الاستمرار في عمله ممثلاً، فرفض البعد عن التمثيل حتى انتهى الأمر إلى فصله من المدرسة، وفقا لـ«الأهرام».
35. في ذلك الوقت، التحق «روستي» بفرقة «سليم عطا الله» المسرحية، وشارك في أدوار صغيرة في عدة مسرحيات، حتى حصل على دور كبير في مسرحية «شارلمان» عام 1912.
34. استلم «روستي» عمله كبوسطجي في مصلحة البريد في ذلك الوقت، لكن بعد نحو 8 أيام، جاء إلى المصلحة تقرير من المدرسة الثانوية يفيد أنه يعمل ممثلاً، ونظرا لاعتبار التمثيل في ذلك الوقت من الأمور المعيبة بين الناس، فما كان من مصلحة البريد إلا أن طردته.
33. أمام صعوبات الحياة تزوجت أمـه من نجار إيطالي كان يعمل في محلات «بونتر يمولي» للأثاث، وذاق «روستي» على يدي زوج أمه الكثير من الآلام والمتاعب لأنه كان يتفنن في إيذائه، فهجر بيت أمه، وخرج هائما على وجهه بحثا عن عمل، وفقا لـ«الأهرام».
32. أثناء سيره في أحد الشوارع، التي كان يهيم فيها بحثا عن عمل، رأى «روستي» إعلانا عن حفلات ستقيمها فرقة «عزيز عيد» المسرحية، وتطلب الاستعانة فيها بممثلين جدد، فبدأ يسأل عن «عيد» لعله يجد لديه عملا، ودخل المسرح وظل يحاول حتى تمكن من مقابلته، وأعجب «عيد» بشجاعته وإتقانه اللغة الفرنسية والإيطالية بطلاقة، فقرر أن يضمه إلى فرقته ويتعهد برعايته، وبالفعل أسند إليه دور «أمير روسي» في مسرحية «خلي بالك من إميلي»، عام 1917، تأليف جورج فيدون وترجمة أمين صدقي، ولفت «روستي» كل الأنظار إليه.
31. ومنذ هذا الوقت، بدأت رحلة «روستي» مع المسرح وحظي برعاية كبيرة من عزيز عيد جعلته يحتل مكانة متميزة بسرعة، لكن آماله وطموحاته لم تكن تتوقف عند حد، فحاول الانضمام إلى فرقة «نجيب الريحاني»، لكنه لم يجد بها الفرصة المناسبة.
30. ظل «روستي» دائما يشعر بالحنين إلى والده، لكنه لم يكن يملك المال الذي يساعده على السفر إلى أوروبا للبحث عن والده، الذي لم يره في حياته، وكان ذلك هو الهم الأكبر الذي يؤرقه دائما، فقد كان يتمنى لو أحس بحنان الأب.
29. في أثناء زيارة إحدى فرق الباليه النمساوية لمصر في مسرح «تياترو عباس»، حاول «روستي» انتهاز الفرصة وذهب ليتعرف على أعضائها لعله يجد بينهم من يعرف شيئا عن والده النمساوي، وللمصادفة، تعرف «روستي» على إحدى عضوات الفرقة التي كانت تربطها صلة قوية بوالده، فما أن أخبرها بقصته حتى أبدت له استعدادها لمساعدته في الوصول إليه، واصطحبته بالفعل إلى النمسا.
28. لاحظ «روستي» أن راقصة الباليه النمساوية وقعت في غرامه، وبدأت تحيطه بشتى أنواع التكريم والرعاية منذ غادرا مصر، فما كان منه إلا أن تظاهر بحبه لها، واكتشف أنها تحب الرجل الذي يغار عليها ويضربها، ويحطم رؤوس من يبدون إعجابا بها، فمثل عليها دور الحبيب شديد الغيرة ببراعة فائقة، ولم يتوان في إظهار شهامته وغيرته، لدرجة أنه تعرض للسجن أكثر من مرة بسبب هذه الغيرة المفتعلة.
27. وذات مساء، كان «روستي» يقضي بصحبتها سهرة في أحد الملاهي بباريس، حيث كانا قد نزلا بفرنسا قبل التوجه إلى النمسا، فتقدم أحد الحضور طالبا إياها للرقص، فما كان من «روستي» إلا أن ثار وأمسك بزجاجة وكسرها وهم بالانقضاض على الرجل الذي اختفى من أمامه بسرعة البرق، فهالها هذا المنظر وارتمت في أحضانه تقبله وهي تبكي وتقول له إنها لم تكن تعرف أنه يحبها كل هذا الحب الجنوني.
26. لكن القصة لم تنته عند هذا الحد، وفوجئ «روستي» بالشرطة الفرنسية تقبض عليه بتهمة الشروع في قتل الرجل، الذي فر من الملهى ليبلغ الشرطة، ووضع «روستي» في السجن 3 أيام انتظارا للتحقيق والمحاكمة، لكن صديقته الراقصة تمكنت باتصالاتها أن تفرج عنه بعد أن أقنعت الرجل بأن يشهد لمصلحة «روستي».
25. وقررت الراقصة أن تغادر باريس وبصحبتها «روستي» لتقدمه لوالده في النمسا، لكن كانت هناك مفاجأة في انتظاره، فبعد أن التقى والده، الذي رحب به بشدة بعد فراق لأكثر من 20 سنة، فوجئ به يثور ويغضب ويطرده بعد أن اكتشف قصة الغرام التي كانت بينه وبين تلك الراقصة، فقد كان الأب يحبها، ويغار عليها بجنون، وينفق عليها بسخاء، لكنها لم تكن تبادله الحب بسبب فارق السن بينهما، وهذا الموقف الذي تعرض له «روستي» جعله يظل رافضا للزواج حتى جاوز عمره 46 عاما.
24. بعد ذلك، قرر «روستي» السفر إلى إيطاليا بحثا عن عمل يمكنه من تغطية نفقاته هو ووالدته، واضطر لأن يعمل في أعمال بسيطة كصبي جزار، وصبي حانوتي، وبائع متجول حتى يدبر قوته، خاصة بعد أن ماتت صديقته الراقصة، في مستشفى الأمراض الصدرية، وظل يعمل في هذه المهن البسيطة بالنهار، وفي الليل يعمل راقصا بالملاهي الليلية حتى الصباح.
23. بعد فترة من وجوده في إيطاليا، تمكن «روستي» من إيجاد عمل في مجال الترجمة، خاصة أنه كان يجيد 4 لغات بطلاقة هم الفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية، والعربية، واستطاع «روستي» من خلال عمله كمترجم أن يلتقي كبار النجوم، حيث كان يتردد على المسرح الإيطالي، ما أتاح له فرصة ممارسة السينما عمليا من خلال العمل ممثل ومساعد في الإخراج ومستشار فني لشئون وعادات وتقاليد الشرق العربي للشركات السينمائية الإيطالية التي تنتج أفلاما عن الشرق والمغرب العربي، وفقا لـ«الأهرام».
22. انتقل «روستي» من إيطاليا إلى فرنسا، حيث عمل في مجال السينما، ثم انتقل إلى فيينا ليشارك في إحدى الروايات المسرحية.
21. في نهاية عام 1922، التقى «روستي» مع يوسف وهبي عن طريق عزيز عيد في العاصمة الفرنسية، باريس، وأعجبا بطلاقته في اللغات الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وفكرا في إنشاء فرقة مسرحية وضمه إليها، وعادوا إلى مصر وأسسوا فرقة «رمسيس» وانضم لها «روستي» بعد عودته مصر عام 1924، ولم يكن «روستي» مجرد ممثل في الفرقة، بل قام بتعريب وترجمة العديد من الروايات التي حققت نجاحا كبيرا في ذلك الوقت، مثل «أسير الحب»، و«مستشفى المجاذيب»، و«العمة شارلي»، و«أستاذ اللطافة، والهديد» اللتين تولى إخراجهما عام 1926.
20. انضم «روستي» بعد ذلك إلى العديد من الفرق المسرحية، حيث عمل مع فرقة «نجيب الريحاني» التي قدم من خلالها دور «حاج بابا» في رواية «العشرة الطيبة» بكازينو «دي باري» الذي تحول فيما بعد إلى «أستوديو مصر»، ووصل راتبه إلى 30 جنيها في الشهر، وظل في الفرقة حتى رحيل «الريحاني» عام 1949، وحين كون إسماعيل ياسين فرقته المسرحية عام 1954، كان «روستي» من أوائل الفنانين الذين انضموا إليها، واستمر بالعمل فيها حتى رحيله، وكانت آخر مسرحياته «كل الرجالة كدة»، عام 1964، مع تحية كاريوكا، وإسماعيل ياسين، ومحمود المليجي، وفقا لـ«الأهرام».
19. لم تتوقف موهبة «روستي» عند حد التمثيل فقط، بل امتدت مواهبه الفنية لتشمل الإخراج والتأليف، حيث أخرج أول أفلامه في مصر عام 1927، بعد أن انبهرت المنتجة عزيزة أمير بثقافة «روستي» السينمائية، وأسندت إليه مهمة إخراج الفيلم الصامت «ليلى» الذي بدأ إخراجه المخرج التركي وداد عرف، لكنه اختلف مع عزيزة أمير، فأسندت إخراجه إلى «روستي» الذي اشترك معها ومع أحمد جلال في الإخراج والقصة والتمثيل، ويعتبر أول فيلم يمثل فيه «روستتي»، ولم تكن في مصر استوديوهات في ذلك الوقت، بل مجرد آلات تصوير، فتم التقاط المشاهد داخل البيوت والشوارع، وفي الريف والصحراء، ومن دون ديكورات أو معدات إضاءة، وقام «روستي» في هذا الفيلم بدور «رؤوف بك» الذي يتولى العناية بـ«ليلى» أثناء مرضها ورعاية مولودها بعد موتها، وفقا للنقاد وجيه ندا.
18. عرض فيلم «ليلى» بسينما «متروبول»، في 16 نوفمبر 1927، في حفل حضره طلعت بك حرب، وأمير الشعراء أحمد شوقي، وحشد كبير من الفنانين والصحفيين، ولاقى الفيلم نجاحا كبيرا، ليكون أول فيلم روائي مصري مائة بالمائة في إنتاجه وتأليفه وإخراجه وتمثيله، وبعد هذا الفيلم دارت عجلة السينما في مصر، ليقترن اسم «روستي» بمولد السينما في مصر.
17. لم يكن فيلم «ليلى» هو الوحيد الذي أخرجه «روستي»، حيث أخرج العديد من الأفلام مثل، «البحر بيضحك ليه» عام 1928، و«صاحب السعادة كشكش بيه» عام 1931، بطولة نجيب الريحاني، و«عنتر أفندي» عام 1935، و«الورشة» عام 1940، و«ابن البلد» عام 1942، و«أحلاهم» عام 1945، ويعتبر فيلم «جمال ودلال» عام 1945، آخر أعماله كمخرج.
16. تمتع «روستي» فضلا عن التمثيل والإخراج بموهبة التأليف، حيث كتب القصة والسيناريو لأفلام كثيرة أهمها، «البحر بيضحك ليه»، عام 1928، بالاشتراك مع المؤلف أمين عطا الله، وفي عام 1931، اشترك مع بديع خيري، ونجيب الريحاني في كتابة القصة والسيناريو لفيلم «صاحب السعادة كشكش بيه»، وفي عام 1953، ألف فيلم «ابن ذوات» بطولة إسماعيل ياسين، ونجاح سلام، وكيتي، وفي عام 1958، شارك مع المخرج زكي صالح في تأليف فيلم «قاطع طريق» الذي مثله مع هدى سلطان، ورشدي أباظة، كما شارك في تأليف فيلم «لن أعترف»، عام 1961، بطولة فاتن حمامة، وأحمد مظهر، وأحمد رمزي.
15. أطلق عليه النقاد العديد من الألقاب، أهمها «صاحب السعادة كشكش بيه»، و«الشرير الضاحك»، و«شرير الكوميديا»، و«الشرير الظريف»، و«الخواجة الشرير»، و«الكوميديان الشرير»، و«الكونت دي روستي».
14. اشتهر بالعديد من الجمل المأثورة في أفلامه مثل، «نشنت يا فالح، والنبي صعبان عليا، ومرحب يا دنجل، ومشروب البنت المهذبة، وروح يا معلم الله يخرب بيتك، وهروح أتحزم وأجيلك».
13. بعد عزوف طويل عن الزواج، ورغم اقتران اسمه بمغامرات نسائية، تزوج «روستي» في عام 1936، من فتاة إيطالية يتيمة الأبوين تسمي «ماريانا» أو «ماري» التقى بها في احتفال كبير بمدينة بور توفيق، وأحبها بشدة وظل معها حتى رحيله.
12. رزق من زوجته بطفلين، توفي الأول بعد ولادته بأيام، والآخر بعد 3 أعوام، فتركت وفاة طفليه جرحا عميقا في نفسه,، خاصة أنه كان مُرهف الحس تجاه الأطفال، بينما أصيبت زوجته باضطرابات نفسية وحالات انهيار متكررة، وسرعان ما تدهورت حالتها، فتم نقلها إلى «مصحة حلــوان»، وظلت على هذه الحالة لعدة سنوات ينقلها من مصحة إلى أخرى دون أن يمل، وفقا لمجلة «أخبار النجوم».
11. كان «روستي» يغدق على مظهره الكثير، وكان يتفنن في كيفية التعامل مع الجنس الناعم، فأصبح «دونجوان شارع عماد الدين»، لأنه اشتهر بخفة دمه ورقيه، وذكر الفنان الراحل يوسف وهبي، عميد المسرح العربي، في مذكراته «عشت ألف عام» أن «روستي» كان من عشاق الحلويات، وكان يحب أن يجتمع مع عدد كبير من الفنانين عند حلواني ملاصق لمسرح «الكورسال» يحمل اسم «محلات داوود».
وأضاف «وهبي» أن «الأرتيستات» الأجنبيات كن يتنافسن على اجتذابه والاستئثار به.
10. في إحدى حلقات البرنامج الإذاعي الشهير «كرسي الاعتراف»، الذي أعده وقدمه للإذاعة المصرية مراد كامل، كشف «روستي» عن جريمة فعلها بدون أن يقصد، قائلا: «عندما كنت تلميذا في مدرسة رأس التين، عاقبتني أمي بالحرمان من الطعام سوى (عيش حاف) لكني لم أستطع التغلب على الجوع فاقترضت من زملائي مبلغًا ضئيلًا من المال وأوصيت عامل المدرسة بأن يبتاع لي (علبة سردين)».
وأضاف «روستي»: «وبالفعل أحضر السردي، وأكلته وحطيت العلبة الفاضية تحت التختة، وتصادف يومها زيارة رسمية من سعد باشا زغلول وزير المعارف في ذلك الوقت، بصحبته مفتش المعارف الأجنبي، ودخل فصلي وقرب من التختة بتاعتي مع أنى كنت في آخر تختة، وأخرج سعد باشا زغلول علبة السردين».
وتابع «روستي»: «سألني سعد زغلول عنها، وقلت له دي علبة سردين وأنا أكلتها علشان كنت جعان، وسألني أكلتها في أي حصة بالضبط، وفي هذه اللحظة لم أقل الحقيقة، فعلى الرغم أنني أكلتها في حصة الرسم، لكنني قلت له إني أكلتها في حصة الإنجليزي لأنني كنت مش بحبه، وتم توبيخ المدرس وصدر أمر بنقله إلى الصعيد».
واستكمل «روستي»: «أنا ارتكبت جريمة في حق هذا المدرس، وتسببت له في النقل إلى الصعيد، وأنا أعلن أسفي له».
9. حكى «روستي» موقف طريف جمعه مع صديقه الفنان الراحل حسن فايق، قائلا: «يعرف عن حسن فايق أنه كان مُحبًا بشدة للكعك والغريبة، حتى أنه لا يتناول أي شيء سواهما خلال العيد».
أضاف «روستي»: «في أحد الأعياد، زرت فايق صديقي لأهنئه بالعيد، فدعاني إلى العشاء وحينما جلست على المائدة، فوجئت أنها مليئة بجميع أنواع الكعك والغريبة ولا شيء سوى ذلك، فاعتذر لي فايق بشدة».
وتابع «روستي»: «لم يتركني فايق دون (عزومة)، وألحّ علي بشدة للأكل معه، وبالفعل رضخت لرغبته وبدأت في الأكل، وفايق يُلح علي بأكل المزيد، حتى غادرت وأنا ممتلئ البطن، وقضيت أيامًا مريضا بأمعائي، ولا أستطيع أن أنهض من الفراش».
8. في فيلم «بلا عودة»، عام 1961، تعرضت الفنانة الراحلة مريم فخر الدين لكسر في الساق والكتف، حيث ظهرت صورة نادرة لها وهى بجانب والدتها تربط ساقها، بعد أداء مشهد في الفيلم أمام «روستي»، حيث لعبت «مريم» دور مدمنة مورفين، و«روستي» كان زعيم العصابة، وفقا لـ«الأهرام».
وفي أحد المشاهد، كانت «مريم» تتعاطى حقنة المورفين، وتقتحم الشرطة المكان فجأة، وتتشبث «مريم» بـ«روستي» لإعطائها الحقنة، فصاح «روستي» صيحة مرعبة في وجه «مريم»، فأوقعها على الأرض وكسرت ساقها وكتفها.
وبعد هذا الحادث، قالت «مريم» في حوار قديم لها لمجلة «المصور»: «الحمد الله فقد نجا وجهي ورأسي وهما رأسمالي في السينما».
7. استمرت مسيرته الفنية حتى عام 1964، حيث اشترك بالتمثيل في 3 أفلام هم «الحقيبة السوداء»، و«آخر شقاوة»، و«حكاية نصف الليل» أمام عماد حمدي، وزيزي البدراوي، وعرض بعد وفاة «روستي» بشهرين.
6. في عام 1964، انتشرت إشاعة وفاته بينما كان يزور أحد أقاربه في الإسكندرية، وأقامت نقابة الممثلين حفل تأبين بعد أن صدقت الإشاعة، وفي منتصف الحفل جاء «روستي» إلى مقر النقابة ليسود الذعر بين الحاضرين، وانطلقت ماري منيب، ونجوى سالم، وسعاد حسين في إطلاق الزغاريد، فرحا بوجوده على قيد الحياة.
5. لم تمر على هذه الواقعة سوى أسابيع قليلة، حتى رحل «روستي» فعليا إثر أزمة قلبية، في 26 مايو 1964، حين كان «روستي» جالسا في مقهى «سفنكس» بشارع سليمان باشا في وسط القاهرة، يلعب «الطاولة» مع أصدقائه عقب مشاهدة العرض الأول لفيلمه «آخر شقاوة»، وأحس بآلام مفاجئة في قلبه، وعلى الفور نقله أصدقاؤه إلى «المستشفى اليوناني»، وعندما فحصه الأطباء وجدوا انسدادا في شرايين القلب، ونصحوا أصدقاءه بنقله إلى منزله القريب من المقهى، ولم تمض سوى ساعة واحدة حتى توفي عن عمر يناهز 73 عاما.
4. عند وفاته، لم يكن في بيته سوى 7 جنيهات، وشيك مصرفي بمبلغ 150 جنيهًا يمثل الدفعة الأخيرة من فيلمه «حكاية نص الليل»، تاركا بصماته الواضحة ولمساته المتفردة ذات النكهة الخاصة.
3. كان «روستي» يمتلك سيارة يعتز بها للغاية، وظل محتفظًا باقتنائها حتى وفاته، ويُذكر أن تلك السيارة سُرقت من أمام المقهى، الذي توفي فيها «روستي»، وذلك بعد ساعات من وفاته ونقله إلى منزله.
2. بعد أسبوع من رحيله، أصيبت زوجته بالجنون، فتحملت نقابة الممثلين نفقات سفرها لعائلتها بمدينة نابولي الإيطالية، خاصة أنه لم يعد يوجد من يرعاها بمصر بعد رحيل «روستي».
1. قدم «روستي» طوال مشواره الفني، الذي امتد نحو 40 عاما، حوالي 380 فيلما سينمائيا ما بين تمثيل وإخراج وتأليف، استطاع من خلاله أن يقدم أداء تمثيليا متميزا، حيث برز في أدوار الشر الجميل الممزوج بالكوميديا وشخصيات «النذل، والانتهازي، والمنافق»، وهي البصمة الخاصة التي ظل يتفرد بها على شاشة السينما.