دكتورة جورجيت قليني التي فجرت ثورة ضد الفساد تحت قبة البرلمان علي مدي دورتين متتاليتين, ورغم انها كانت معينة وليست منتخبة إلا إنها استطاعت أن تعبر عن غالبية الشعب المصري في مطالبته بفتح ملفات شائكة حتي حصلت علي شعبية اثارت ضدها الكثيرين,وذلك من أول جلسة للمجلس حتي ان اعادة تعيينها لدورة ثانية أثار دهشة الكثيرين, والتي كانت دورة ساخنة فتحت فيها النيران في أكثر من جبهة كملف عبارة السلام والدويقة ونجع حمادي وغيرها حتي تم استبعادها تماما من المجلس في دورته الأخيرة والتي شهدت انتخاباتها تجاوزات سافرة كانت أحد أسباب اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير.. أخيرا جورجيت قليني تخرج عن صمتها وتتحدث للأهرام عن الخطوط الحمراء وعن الاحزاب السياسية بعد الثورة ومشاركة المرأة في تشكيل مستقبل الوطن.
قبل الثورة.. كيف استطعت ان تحاربي الفساد وتعارضي بضراوة تحت قبة البرلمان؟
لقد فتحت ملفات عدة من أول أسبوع لتعييني بالمجلس أغلبها كان يتعلق بقوانين كنت قد درستها جيدا أثناء عملي في إدارة التشريع بوزارة العدل ــ حيث كنت السيدة الوحيدة التي التحقت بتلك الإدارة ــ مثل قانون البنوك وقانون الملكية الفكرية وقانون المنافسة ومنع الاحتكار بالإضافة إلي إثارة قضية تكدس القروض في يد20% من المقترضين, مما زاد الثقة في عملي ومهاراتي المتخصصة خلال الدورة الأولي الي حد ما رغم ان كثيرين طالبوني بالتحفظ بعض الشيء في مواقفي لعدم زيادة العداوات.. إلا أن مساندة الغالبية العظمي من الاعلام لي وكذلك المصداقية التي حصلت عليها لدي المواطن المصري العادي كانت بمثابة عامل مشجع لي.. لكن خلال الدورة الثانية فجرت سلسلة من قضايا الفساد مما اثار الغضب الشدد ضدي.
هل تعتقدين انه تم استبعادك بسبب تخطيك للخطوط الحمراء؟
انا لا أحاول أن أبحث عن سبب استبعادي من أي جهة لاني اعتبر وجودي في أي مكان مجرد تكليف وليس تشريفا.
وهل هذا سبب عدم التزامك بالخطوط الحمراء؟
أي أنسان يحاول أن يعتز بذاته يجب أن يضع لنفسه خطوطا حمراء مثل خط أحمر للكذب, وخط أحمر لاحترام الغير وخط لعدم البحث عن مصلحة خاصة, لكني اري أن من يعتذر عن عدم ادائه لعمله كما ينبغي بما وضعة له الغير من خطوط حمراء, فهذا يعد مجرد دفاع عن الذات وليس من قبيل احترام الذات.. لان الخط الاحمر ليس مسئولية من يضعه فقط ولكنه مسئولية من يخاف ويتحاشي هذه الخطوط الحمراء بصرف النظر عن اقتناعه بها.
ما تقييمك لكوتة المرأة التي دعوت لها منذ عدة سنوات؟
لقد قدمتها منذ سبع سنوات متمثلة في فقرة من المادة18 من قانون الاحزاب تنص علي التزام الحزب بأن يخصص نسبة20% من ترشيحاته في الانتخابات بصفة عامة للمرأة, وظللت أقدمه علي مدي ست سنوات وسط اتهامات بعدم دستوريته رغم اجماع العديد من فقهاء القانون علي دستوريته.. وعندما صدر الدستور عرض الحزب64 مقعدا استنادا الي أن نسبة ال20% قد لا تسفر عن عدد كاف من المقاعد للمرأة فكانت الكوتة مرحلة انتقالية لوجود المرأة في البرلمان.
هل كنت راضية عن الكوتة كما رأيناها في المجلس الأخير؟
نص القانون لا خلاف عليه كذلك الاختيار ليس خاطئا ولكن العيب كان في التطبيق.
هل تعتقدين اننا مازلنا في حاجة لكوته المرأة البرلمانية بعد قيام الثورة؟
في ظل تلك الفترة مصر مازالت في حاجة الي كوتة المرأة أكثر من أي وقت مضي.. لقد كنا في حاجة اليها قبل الثورة لعدة أسباب أولها النظام الفردي الذي يتجه دائما ضد المرأة فقد كان ثلثا المقاعد بالمجلس للنظام الفردي, بالإضافة إلي انتشار البلطجة في ظل هذا النظام.. وكذلك الحرية الزائدة التي أتاحت فرصة ظهور آراء كثيرة غير مساندة للمرأة لذلك جاءت فكرة الكوتة ليس لمعالجة عيب ذاتي في المرأة وإنما عيب في ثقافة الشارع الانتخابي.. أعتقد أن تلك الاسباب لم تختلف كثيرا عما سبق فالنظام فردي, ثانيا البلطجة أكثر انتشارا ومن المتوقع أن تزيد أثناء الانتخابات, ثالثا الحرية وتداعيتها فكثيرون غير مساندين للمرأة.
هل تعتقدين أن الثورة حققت أهدافها؟
الوضع الحالي شديد الصعوبة فهناك حالة من القلق تنتاب الجميع لكن التقييم الان امر ظالم فلم يمض الا شهور علي اندلاع الثورة ولا يمكنني تحديد ما يمكن ان تحققه حتي أحدد حجم ما حققته بالفعل حتي الآن, فالثورة مازالت مستمرة.
ما تقييمك لتجربة التعددية الحزبية التي تشهدها مصر بعد اندلاع الثورة؟
لست ضد ظهور العديد من الأحزاب وان كنت اتمني أن تندمج الأحزاب المتقاربة فكريا وايدلوجيا في حزب واحد, وان تعذر ذلك يمكن تكوين جبهة لمدنية الدولة دون الاخلال بالتنسيق مع بقية الاحزاب, مع الوعي التام اننا جميعا مصريون بغض النظر عن اختلافاتنا الفكرية حتي تكون الانتخابات معركة شريفة وتتناسب مع مباديء الثورة فلا تنزلق في خلافات تضر بالوطن.
وماذا عن حجم مشاركة المرأة في الحياة السياسية حاليا؟
انخراط المرأة المصرية اليوم في أي حزب أو ائتلاف أمر ايجابي, وأتمني أن يكون لدي كل امرأة الرغبة في تلك المشاركة كل حسب ظروفه, بينما الحتمية للجميع هي التصويت لانه التزام حتي ان الدستور يصف التصويت بانه التزام وليس حقا دستوريا فقط فليس هناك خيار.. وأعتقد أن نسبة المشاركات في ائتلافات الثورة كبيرة خاصة علي مستوي الشباب وكلهن يجدن الحديث ومثقفات وواعيات بقضايا الوطن وقادرات علي العمل وتختلف تلك النسبة علي مستوي الاحزاب لكن هذا الامر بصفة عامة أمر ايجابي لأن الشباب لم يعملوا بالسياسة قبل الثورة اذن هم فئة وكتلة جديدة مضافة وفعالة جدا.. وأنا أناشد من خلال الاهرام جميع الائتلافات والأحزاب ان يتلزموا طواعية تجاه المرأة بالمحافظة علي نسبة من ترشيحاتهم للمرأة تتناسب مع وجودها في المجتمع, وذلك ليس في مصلحة المرأة فقط, وإنما مصلحة المواطن المصري من خلال الاستفادة من جميع الكفاءات الموجودة التي تستطيع أن تخدم بلدها بغض النظر عن الجنس.
الي أي الاحزاب ستنضم دكتورة جورجيت قليني؟
لقد اعتزلت العمل السياسي نهائيا بكل أشكاله لأنني ساعود الي عملي السابق والذي يحظر معه العمل السياسي.