على مدار أكثر من 100 عام هي عمر السينما المصرية، ارتبطت فنانون بشخصيات محددة قدموها في عشرات الأفلام بأداء مبهر أهّل بعضهم لأن يرتبط في ذاكرة المصريين حتي اليوم بالدور الذي قدمه، فيما برع آخرون في أدوارهم حتي لم يعد بالإمكان القبول بأداء آخرون لنفس الأدوار بعد عشرات السنوات على تقديمهم إياها للمرة الأولى.
نستعرض في التقرير التالي أبرز الأدوار التي احتكرت ممثلين بعينهم حتى ارتبطت بهم.
11. الحماة المُستبدة
اشتهرت الفنانة ماري منيب بأداء دور الحماة التي تدفع زوج ابنتها للجنون، وتثقله بالطلبات التي إن تنصل من أي منها اُعتُبر زوجاً غير صالح لابنتها، ويستحق أن تؤلبها عليه أو تطرده من رضاها. وأدت «منيب» نفس الدور في أفلام اعترافات زوج، وحماتي ملاك، وكدبة أبريل، وعفريتة إسماعيل يس، والحموات الفاتنات، وغيرها.
ولم تكن ماري منيب الوحيدة التي احتكرها هذا الدور، فقد حبس دور الحماة المستبدة والأم المتسلطة ممثلات بعينهم، بعضهم ربما لم تؤدي غير هذا الدور خلال رحلتها الفنية، مثل إحسان شريف التي أدت دور الحماة الارستقراطيّة «بنت صلطح باشا» في فيلم «إشاعة حب»، وأدته مرة أخرى في «أم العروسة» التي تريد أن تُفشِل زيجة ابنها لأنها لا تُحب عروسته، و كذلك في فيلم «خرج ولم يعُد».
أما الفنانة عُلوية جميل، فعلى ما يبدو أن حياتها الشخصية قد ألقت بظلالها على حياتها الفنية، فكل المأثور عن علاقتها بزوجها الفنان محمود المليجي أنها كانت تكبره في السن، وتمارس دور الزوجة مُتصلبة الرأي في حياته، كما مارسته في أفلام «التلميذة، ومفيش تفاهُم، وبين إيديك».
10. العانس
«عذراء حسناء هيفاء ولهاء دعجاء سمراء فيحاء، في العشرين من ربيعها الوردي، الزاهر المزدهر، تملك سيارة و فيلا ودار أزياء، تطلُب زوجاً» .. هكذا وصفت أشهر عانس في السينما المصرية زينات صدقي نفسها في أحد مشاهد فيلم «عريس مراتي»، لكنه لم يكن الفيلم الوحيد الذي أدت فيه هذا الدور، إذ قدمته بتنويعات مختلفة في عدد كبير من الأفلام، إلى الدرجة التي يبدو معها أنها احتكرته لتؤديه منفردة.
وعلي الرغم من أن زينات صدقي تزوجت في سن الخامسة عشر من عُمرها، أي أن قِطار الزواج لم يفُتها بل لحقت به مبكراً، إلا أن هذ الدور قد ارتبط بها ارتباطًاً وثيقاً، فمن لا يذكُر دورها في ابن حميدو الذي عطلت فيه أختها الصُغرى لأنها لم تتزوج، أو في فيلم بين إيديك، رغم تخليها في النهاية عن الطابع الشعبي لدور العانس إذ كانت عانساً أرستقراطيّة في هذا الفيلم.
9. الخادمة
ارتبط دور الخادمة بالفنانة وداد حمدي منذ بداية مشوارها الفني الذي بدأ عام 1954، وعلي مدار 50 عاماً حتي وفاتها في عام 1994. وشاركت الفنانة خفيفة الظل في نحو 600 فيلم تقريباً، اشتهرت خلال معظمهم بدور الخادمة خفيفة الظل التي توزّع قفشاتها بين مشهد وآخر. وأدت أدواراً لا يمكن نسيانها، مثل دورها في فيلم الزوجة رقم 13، و أم رتيبة، وإشاعة حب، وأفواه وأرانب، وحسن ونعيمة، وحلاق السيدات، حتى أنها لُقبت بلقب خادمة السينما المصرية.
8. الدادة
أما دور المُربية، أو «الدادة»، بحجابها البسيط، وجُملها المعدودة طوال الفيلم، وملازمتها للبطلة في أغلب مشاهده، فقد استحوذ غالباً على الفنانة اللبنانية ثريا فخري، التي بدأ مشوارها مع الدور منذ كانت طفلة صغيرة، عندما أدته للمرة الأولى على مسرح المدرسة، دون أن تدري أن سيرتبط بها طوال مشوارها الفني.
وأدت الفنانة اللبنانية دور الدادة في عدد كبير من الأفلام، أشهرها فيلم مطلوب أرملة، ونهر الحب، والمرأة المجهولة، وغيرها.
7. خطّافة الرجال
بالرغم من صلة قرابة الممثلة مُنى بسيدتين من أشهر وأهم صناع السينما المصرية، هما المنتجة آسيا، والدتها، والفنانة ماري كويني، خالتها، إلا أنها لم تؤمن لها إلا دور الفتاة التى تحاول اختطاف البطل من حبيبته، البطلة في معظم الأحياة. وهي غالباً ابنة زوج أمها المُتسلطة صاحبة اليد العُليا بدورها، وأدت هذا الدور في أفلام مثل «شاطئ الغرام، و حياتي انت، ويا ظالمني» واستمرت في تأدية هذا الدور حتي اعتزلت الفن تماماً قبل أن تمثل دوراً مختلفاً.
6. الشرير
على عكس الفنان حسين رياض، طيّب السينما المصرية، الذي لم يمثل في حياته دوراً مختلفاً عن الطيب، المغلوب على أمره، المصارع لأجل لقمة العيش، فأغلب أشرار السينما المصرية، الذين ارتبطوا في ذهن المُتفرج المصري بصورة الشرير النمطية، ذي الشر الخالص والرغبة المطلقة في الإيذاء، أمثال زكي رُستم، ومحمود المليجي، والذين ساعدتهم ملامحهم الحادة في ذلك، علي الرغم من أنهما قدما أدوراً مختلفة.
ففي أواخر أدواره أدى الفنان محمود المليجي دوراً تاريخياً في فيلم الأرض مع المخرج يوسف شاهين الذي رأي على مايبدو أنه بإمكانه تأدية أدوار مختلفة عن تلك التي اعتاد عليها، وأن ملامحه بوسعها أن تعبر عن انفعالات الرجل الطيب سليم النية.
أما الفنان زكي رستم، الذي اشتهر بنظرته المُخيفة، والتي اعتاد المصورون التقاطها من الزاوية المقابلة لوجهه إمعانًا في إبراز ملامح وجهه المعبرة عن الشر؛ غير أنه استطاع في فيلم «أنا وبناتي» أن يثير تعاطف يكاد يصل إلي البكاء من قبل المتفرجين على الأب الذي سُجن ظلماً وتشردت بناته.
كذلك الفنان عادل أدهم، الذي اشتهر بأداء أدوار «زكي قدرة» في المدبح، و«أحمد سامح» في حافية على جسر الذهب، نجحت جميعها في حصاد كراهية المتفرجين وإثارة حنقهم على الشخصية. وعلي الرغم من أن أدهم أدى أخيراً دور سفير الحُب الزوج المُسالم الذي تمرد على زوجته الهانم فافتتح محلاً للورد في سواق الهانم، إلا أنه رسخ مع زكي رُستم ومحمود المليجي، في وجدان المتفرج المصري باعتبارهم أشرار السينما المصرية.
5. البلطجي
وإذا كان مشاهير أشرار السينما قد سنحت لهم الفرصة أن يُجربوا أدواراً مختلفة، إلا أن آخرين لم تأتهم الفرصة، وظهروا واختفوا قبل أن يُغيروا الصورة الذهنية التي رسخت في ذهن المشاهد عنهم، مثل الممثل نصر سيف، الشهير بصلعته الملساء، وتعبيرات وجهه المرعبة نوعاً، الذي غالباً ما أدى دور البلطجي، أو أحد أفراد العصابة، في عشرات الأفلام منها «المشاغبات والكابتن، وجريمة في الحي الهادئ، وعصابة حمادة وتوتو».
4. المسؤول الحكومي
بوجه يشبه رئيس الوزراء وقتها، عاطف صدقي، وسمت وقور وهيبة تشبه تلك التي تصاحب الوزراء والمسؤولين الحكوميين، وربما لأسباب تتعلق برغبة من المخرجين في الإسقاط، ارتبط الممثل حمدي يوسف بدور المسؤول الحكومي، فهو تارة رئيساً لمجلس الشعب في «النوم في العسل»، وأخرى رئيساً للوزراء في «الإرهاب والكباب»، ومرة أخرى وزيراً في «حتى لا يطير الدخان»، وغيرها من الأفلام.
3. الأم
لم تنجب في عمرها، حيث تزوجت وانفصلت عن زوجها بسُرعة، لكنها الفنانة كانت أشهر من أدى دور الأم في السينما المصرية، إنها الفنانة فردوس محمد، التي أدت الدور في عشرات الأفلام مثل «حكاية حب، وعنتر يغزو الصحراء، وفي رد قلبي» وعشرات الأفلام غيرها. كما شاركتها الفنانة آمال زايد، الاستحواذ بالدور في عدد من كلاسيكيات السينما المصرية، مثل دور أمينة في ملحمة الثلاثية، كما أدت دورًا مشابهًا للأم الطيبة الساذجة في فيلم «سر طاقية الإخفاء»، وكذلك في «عفريت مراتي» وغيرها.
2. الشاويش
علي ما يبدو أن مسيرته الفنية التى أدى فيها شخصية واحدة عشرات المرات، عُرف بها أكثر ما عُرف باسمه، الشاويش عطية، إنه الفنان رياض القصبجي الذي رفض عمل ابنه بالتمثيل، مؤكداً أن «الفن مهنة كلها شقاء، وأحلم أن يلتحق ابني بالكلية الحربية».
وفي عشرات الأفلام التي قدمها، أدى القصبجي دور الشاويش عطية، بمرافقة إسماعيل يس، في أفلام أبرزها «إسماعيل يس في الأسطول، إسماعيل يس في الطيران، إسماعيل يس بوليس سري، ابن حميدو».
1. الخواجة
الفنان آدمون تويما، لبنانيّ الأصل الذي درس في المدارس الفرنسية بمصر وأصبح يجيد اللغة الفرنسية كأبناء باريس، أشهر من قدم دور الخواجة في السينما المصرية. وكانت لكنته المزيج بين العربية والفرنسية دافعاً للمخرجين لمنحه دور الخواجة الذي يعيش في مصر ويندمج مع أبنائها، فهو تارة جواهرجي، وتارة مدرس لغة فرنسية، في حقبة من عمر مصر كان مثل هذا التنوع مألوفاً فيها.